فإذا تميزا دل كل واحد منهما على طبيعته التى هى له خاصة، وعلى طبيعة جملة اللبن أنه لم يكن شيئا واحدا بالحقيقة، لكنه كان مركبا من أجزاء مختلفة، متضادة.
فكما أن فى اللبن جزءا هو ماء، وجزءا هو جبن، كذلك فى الدم شىء منه كأنه صديد نظير للمائية فى اللبن، وفيه شىء كأنه عكر، وثفل نظير الجبن. وقد نرى عيانا فى الدم خيوطا تجرى معه. وإذا عزلت عن الدم تلك الخيوط، لم تجبن. والدم الذى قد عزلت منه تلك الخيوط مختلف فى لونه، وقوامه. وذلك أن بعضه يرى أحمر قانيا، صادق اللون. وبعضه يرى أميل عن هذا إلى الحمرة الناصعة. وبعضه أميل منه إلى السواد. وربما رأينا عيانا قد طفا عليه شىء أبيض. ورمبا رأينا الدم كله كمدا. وربما رأيناه قريبا من السوداء كالفرفير المشبع اللون.
صفحة ١٢٢