قال جالينوس كل رباط يستعلم لنفسه لا لخدمة أشياء توضع على العضو العليل فللطبيب فيه غرضان هما أول شىء يقصد له أحدهما أن يحفظ العضو العليل على ما أصلحه وجبره ويمنعه من الحركة والثانى أن يحفظه من الورم وقد علمنا ابقراط هذين الأمرين فى كتابه فى الكسر تعليما شافيا فلما كان الرباط لا يمكن فيه أن يبلغ ما يحتاج إليه فى هذين الوجهين دون أن يلبث ويبقى ولا ينتقل ولا يزول إلى موضع آخر من البدن من أسفل أو من فوق اضطررنا بهذا السبب إلى أن نلف من الرباط على المواضع الصحيحة شيئا زائدا على مقدار حاجة الموضع العليل فإذا كنا نخاف على الرباط أن يزول ويرتفع كله إلى فوق جعلنا الزيادة فيه معلقة من بعض الأعضاء التى هى أسفل منه لنضبطه من خلاف الناحية التى نخاف عليه الزوال إليها وإذا كنا نخاف عليه أن يزول إلى أسفل علقناه من بعض الأعضاء التى هى أرفع وفى بعض الأعضاء يكون تعليق الرباط وضبطه من الأعضاء الموضوعة بحذاء العضو العليل أنفع بمنزلة ما نجد ذلك فى الكتف وفى الأربية وقد استقصى ابقراط فى قوله فى رباط الكتف إذ لم يقل يلف على الكتف وقال يلف على الإبط وفى قوله فى رباط الأربية يلف حول المعطل إذ كان لا الكتف ولا الحرقفة يمكن فيها أن تضبط الرباط إذا لف عليها ضبطا وثيقا بل الإبط (و)المعطل أضبط له ومعنى قوله المعطل إنما هو الموضع الذى سميناه قبل خاليا وفارغا وهو على ما وصفنا الموضع الذى فيما بين الصدر والركب وإنما سمى هذا الموضع خاليا أى فارغا من أنه منقبض راجع إلى داخل والأمر فى قوله من الإجماع بين أنه إنما أراد به أن هذا شىء موافق مشاكل وذلك أن الإجماع على ما يعمل وما يقال معها أنهم لا خلاف بينهم فى شىء مما يفعلونه أو مما يقولونه بعضهم أيضا يعضد ويعين بعضا وكذلك هذه المواضع التى ذكرها ابقراط يعين بعضها بعضا فى لبث الرباط وبقائه على هذا المثال أيضا لما كانت الساق يزلق ويفلت منه الرباط بسرعة وبسهولة بسبب تحدب بطن الساق وهى خصيلته صار أنفع ما يعمل به فى رباطه أن يلف عليه من فوق الخصيلة ومن البين أن ذلك أنما ينتفع به فى الرباط الذى يضطرنا الأمر فيه إلى لفه على خصيلة الساق وذلك أن المواضع التى تلى العراقيب إذا ربطت فرباطها يبقى لابثا بعينه لأن ذلك الموضع فيما بين موضعين ناشزين أما من أسفل فطرفا قصبتى الساق المتحدبتين اللذين يسميهما قوم الكعبين وقد أساؤوا فى ذلك وأما من فوق فنفس خصيلة الساق
قال ابقراط ومن الأعضاء التى ليس كما للرأس فليجعل التقييد منها فى أكثر المواضع استواء ويستعمل الرباط على أقل ما يكون من التوريب كيما إذا لف الرباط فى آخر الأمر على أجود المواضع لفا يمسك أكثرها تقلقا
صفحة ٣٨