بسم الله الرحمن الرحيم استعين بالله تعالى.
مقالة جالينوس فى المولود لسبعة اشهر.
قال انه قد نظن ان قول ابقراط فى الاطفال المولودين لسبعة اشهر قد يخالف بعضه بعضا. وذلك انه قال فى كتابه فى الغذاء هذا القول: «للصورة خمسة وثلثون يوما للحركة سبعون يوما للتمام مائتا يوم وعشرة أيام. لصورة اخرى خمسة واربعون يوما اخر للحركة تسعون يوما للخروج مائتا يوم وسبعون يوما. لصورة اخرى [ايام] اخر خمسين يوما للوثبة الاولى مائة يوم للكمال ثلثمائة يوم. لتميز اخر اربعون يوما اخر للنقلة ثمنون يوما للسقوط مائتا يوم واربعون يوما». فوصف بقراط فى هذا القول لولاد النساء اربعة حدود. واول هذه الحدود الحد الذى يتم فى مائتى يوم وعشرة ايام وهى سبعة اشهر حساب كل شهر ثلثين يوما. والحد الثانى هو الذى مدة زمان الاطفال تتم فيه فى مائتى يوم وسبعين يوما وهى تسعة اشهر. وبعد هذا الحد الحد الثالث وهو الذى يتم فى ثلثمائة يوم كاملة وهى عشرة اشهر. ثم آخر هذه الحدود الحد الرابع ويتم فى مائتى يوم واربعين وهى ثمانية اشهر. فبين فى هذا القول انه حسب كل واحد من الشهور فى جميع هذه الاربعة الحدود ثلثين ثلثين يوما.
فاما فى المقالة الثانية من كتاب ابيديميا فانه قال قولين احدهما هو هذا بلفظة «ما تحرك فى سبع فانه يتم فى ثلثة اضعافها» والثانى بهذا اللفظ «الاشياء التى ينبغى ان ينظر فيها فى الولاد لثمانية اشهر هل يحسب اول التسعة الاشهر من وقت ارتفاع الطمث او من اول الحمل. وهل ايام هذه الشهور من شهور اليونانيين مائتا يوم وسبعون يوما ام هل ينبغى ان يزاد على هذه شىء اخر وهل ما يتفقد فى الذكورة هو ما يتفقد فى الاناث».
صفحة ٣٣٥
فلنضف الى هذا القول ما قاله فى كتابه الذى عنوانه فى المولود لثمانية اشهر الذى قال فيه ان الشهور اقل من ثلثين يوما وذلك هو الحق وحد فيه للاطفال الذين يولدون فيحيون زمانا اخر ممن يولد منهم فى سبعة اشهر وفى تسعة اشهر وفى عشرة اشهر.والقول الذى قال فيه بقراط ما وصفت هو هذا بلفظه «المولودون لسبعة اشهر يكون ولادهم فى المائة اليوم والاثنين والثمانين اليوم والجزء الزائد على هذا وذلك انك ان حسبت من الشهر الاول خمسة عشر يوما ومن الشهور الخمسة مائة يوم وسبعة واربعين يوما ونصف يوم — لانه اذا نقصت من الستين يوما يوما يصير ما يبقى قريبا من شهرين تامين.واذا حسبت هذه هكذا فانه يبقى الى تمام النصف السنة من الشهر السابع اكثر من عشرين يوما اذا زدت احد الجزئين من اليوم على الجزؤ الآخر». فاذ كان ما قاله فى كتابه فى المولود لثمانية اشهر على هذا المثال فليس احد يجهل ان مخالفته القول الذى قاله فى كتابه فى الغذاء وفى المقالة الثانية من كتاب ابيديميا مخالفة بينه ظاهرة.
صفحة ٣٣٦
وقد اختلف المفسرون لكتب ابقراط فمنهم من قال ان جميع هذه الكتب وضعها بقراط واحد ومنهم من قال انهم ليست لواحد.وذلك ان القوم الذين يسمون بهذا الاسم اعنى بقراط اربعة نفر يتلو بعضهم بعضا.واولهم ابن غنيسيديقس والثانى ابن ايراقليدس والثالث ابن ثسالوس والرابع ابن دراقن ولجميعهم كتب.وقال قوم أنه ليس شىء من هذه الأقاويل ولا لواحد من هؤلاء الاربعة لكن الواضع للكتاب فى المولود لثمانية اشهر فولوبس والواضع لكتاب الغذاء ثسالوس. وقال بعضهم ايضا فيما يوجد مكتوبا فى المقالة الثانية من كتاب ابيديميا انه لثسالوس. وقال اخرون انه مفتعل من رجل اخر. وكان ثسالوس ابن بقراط بن ايراقليدس الثانى من بعد ابن غينسيديقس. واما فولوبس فكان تلميذا لبقراط وكان الوارث من بعده لتعليم تلامذته لانه اقام فى مدينة ابابه+. واما ثسالوس فكان اكثر عمره مسافرا لانه كان قد اتصل بارشالاوس ملك ماقيدونيا. ومن الناس من زعم ان كتاب الغذاء ليس هو لثسالوس لكن واضعه انما هو رجل من آل ايروفيلس ومنهم من زعم ان واضعه غير معروف. وقالوا ايضا فى الاقاويل التى فى مقالات ابيديميا انها ليست بصحيحة.وذلك انه قد يوجد فى المقالة الثانية والسادسة من هذا الكتاب اشياء كثيرة مفتعلة لان هاتين المقالتين لم تكونا بعد وضعتا ليقرأهما 〈سائر〉 الناس مثل المقالة الاولى والثالثة بل انما كانت اشياء رسمها بقراط لنفسه فى قراطيس وجرد وطروس فجمعها ثسالوس ابنه.وزعموا ان بعض هذه الاشياء المفتعلة زادها ثسالوس من عند نفسه وبعضها زاد قوم اخرون.
واما انا فانه يسهل على الاحتجاج فيما وقع من الاختلاف فى حدود الحمل. واما ما وقع من الاختلاف بسبب الظن بان كل واحد من الشهور ثلثين ثلثين يوما فلست واثقا من نفسى بتقويمه على ما ينبغى.
فانا قائل الان اولا فى حدود الحمل فاقول انه ينبغى ان يحد الحمل وقتين — لا فى الاطفال المولودين لسبعة اشهر فقط لكن فى جميع الاطفال الباقين فاحدهما الوقت الذى لا يمكن ان يتقدمه الولاد فيحيى ذلك المولود.والثانى الوقت الذى لا يمكن ان يولد بعده فيحيى.وذلك ان زمان حمل الاطفال الذين يحيون ليس هو عددا محدودا بالحقيقة بل له عرض.وقد يمكن ان يقال ان الحد الاولغ من هذا الزمان هو النصف من السنة كلها وهو مائمة واثنان وثمانون يوما وخمس عشرة ساعة وجزء يسير يضاف إليه.وان الحد الاخير من هذا الزمان مائتا يوم وعشرة ايام والأولى هو بان يقال انه مائتا يوم وستة ايام ونصف.وذلك ان القول بان كل واحد من الشهور ثلثون يوما معما انه كذب هو يوجد مخالفا لاصح كتب ابقراط. وذلك بان ابقراط لما اراد ان يحصر ثلثة اسبابيع فى عشرين يوما قال فى كتابه فى تقدمة المعرفة هذا القول: «انه غير ممكن ان يحسب شىء مما وصفنا على كامله وذلك انه لا السنة ولا الشهر يمكن ان تحسبا على ايام كاملة».
صفحة ٣٣٧
وقد كان جميع الناس الذين كانوا على عهد ابقراط الشاذ منهم علموا انه ينبغى ان يضاف على ايام السنة — وهى ثلثمائة يوم وخمسة وستون يوما — ربع يوم.فقد كان بلغ من معرفة ثاليس الذى من اهل ميلس ان تقدم فانذر بكسوف كان فى نواحى السفيطس على عهد كسركسس الملك. ثم من بعد ذلك بزمان بين ايبرخس انه مع الربع من اليوم جزء اخر يسير.وكذلك الامر فى زمان الشهر. فان جميع القدماء الذين عنوا بعلم النجوم قد كانوا علموا ان الشهر ليس هو ثلثين يوما لكن تسعة وعشرون يوما ونصف على التقريب الا انهم لم يعلموا هل ذاك اقل او اكثر.فاما ايبرخس فانه حدد بآخره هل يزيد زمان الشهر على النصف اليوم شئا ما او ينقص عنه كما يزيد زمان السنة اذ لم يكن حدده من تقدمه.
فبالواجب قال بقراط فى كتاب تقدمة المعرفة — وقد اجمع عليه جميع الناس انه من اصح كتبه — القول الذى قلته قبيل وهو قوله «انه ليس بممكن ان تحسب السنة ولا الشهر على ايام كاملة». وقد يمكن ان يكون بقراط لم يكن علم ذلك فى حداثته لكنه عرفه بآخره بعد زمان طويل.ولذلك كان يظن فى كتاب الغذاء والمقالة الثانية من كتاب ابيديميا ان كل واحد من الشهور ثلثين يوما. فلما كان بآخره عرف الحق فى ذلك على ما بين فى كتاب تقدمة المعرفة. ومن اجل هذا قد كان علم فولوبس الوارث كان لتعليم تلامذة بقراط بعده انه ليس بنقصان اليوم الواحد فقط من الستين يوما يكون شهران فى حال من الاحوال لكن قد علم مع ذلك ان نقصان ذلك اليوم ليس هو على الاستقصاء لكنه على اقرب ما يكون بفضل قليل او بنقصان قليل وقد يوجد بقراط الواضع كان لكتاب تقدمة المعرفة وهو اشهر المسميين بهذا الاسم انه لم يقتصر على القول بانه لا ينبغى ان تحسب السنة والشهر على ايام كاملة فقط حتى قال ذلك فى الاسابيع والارابيع.ولذلك اتفق ان تحسب ثلثة اسابيع عشرين يوما.وهذا رأيه بعينه فى كتاب الفصول وفى المقالة الاولى والثالثة من كتاب ابيديميا التى قد اجمع جميع الناس على انها كتب صحيحة لبقراط. وقد تكلمت فى جميع هذه الاشياء بابلغ ما يمكن فى ثلث مقالات وضعتها فى ايام البحران فشرحت فيها رأى ابقراط فى ذلك. فاذ كان الامر الحق الموافق لكتب ابقراط الصحيحة — هو ان لا تحسب السنة ولا الشهور على ايام كاملة — فانا قد نجده يرى هذا الرأى بعينه فى كتابه فى المولود لثمانية اشهر.
صفحة ٣٣٨
ونجد ما قاله فى ذلك الكتاب فى زمان المولود لسبعة اشهر موافقا لطريق صناعة النجوم ولما يوجد بالتجربة. وذلك انى لم ازل دهرى كله اسأل من القوابل — من عنى منهن بمسئلة من تحفظ من النساء وقت حملهن — ان يخبرننى بما استعملن منهن فى ذلك.واسأل نساء اخر كثير عددهن من تحرص وتجتهد على تعرف هذا. فوجدت من ذلك ان أزمان الحمل مخالفة بعضها لبعض لا فى الاطفال المولودين لسبعة اشهر فقط لكن فى المولودين لتسعة اشهر وعشرة اشهر.ومن اجل هذا ما ظن بهم فقط قوم انهم يولدون فى مائتى وسبعين يوما وظن اخرون انهم يولدون فى مائتى يوم وثلثة وسبعين يوما وثلثى يوم.وقد زاد قوم على هذا الزمان جزءا اخر يسيرا. فظن قوم ليس بالقليل عددهم ان الحمل بالاطفال الذين يولدون فيتربون يكون ثلثة مائة يوم مثل الذى كتبه القائل لهذه الابيات «لا تجر ابنى تحلق امك التى حملتك ثلثة مائة شمسا». فقد سمى اوفورين هذه الايام شموسا كما فعل الواضع لكتاب الغذاء بقراط كان الواضع له اوثاسالس ابنه او غيرهما.
ويعم هؤلاء كلهم خطأ واحد وهو ظنهم بان زمان حمل الاطفال المولودين لسبعة اشهر زمان واحد وان زمان المولودين لتسعة اشهر زمان واحد وكذلك فى المولودين لعشرة اشهر ثم حدوا ذلك الزمان الواحد الذى ظنوا انه كذلك من قول كاذب مقنع فى ظاهرة من غير ان يمتحنوه بالتجربة. والذى يجب فى جميع هذه الاشياء ان تمتحن بالتجربة قبل ان تطلب اسبابها.
وليست بى حاجة فى هذا الموضع الى ان اخبرك بمقدار ما وجدته بالتجربة من اختلاف اوقات حمل الاطفال الاخر. فاما الاطفال المولودون لسبعة اشهر فاقول فيهم ما علمته فى طول عمرى بعد ان اجهدت نفسى فى معرفة ذلك من حقيقة الاوقات التى تعلق فيها النساء اذ كانت متى جهدت لم يمكن الوقوف على مدة زمان الحمل. فقد وجدت حمل اكثرهن يكون ما بين المائة والتسعين اليوم الى المائتى اليوم ووجدت القليل منهن يكون ولادهن قبل هذا الوقت قليلا وبعده قليلا ولم اجد منهن امرأة بتة ولدت قبل مائة يوم واربعة ثمانين يوما ولا جاوزت مائتى يوم واربعة ايام. فما قيل فى كتاب المولودين لثمانية اشهر ان الحد الاول من الولاد هو نصف سنة قول مستقيم. وذلك انه لم توجد امرأة بتة يقدم ولادها هذا الحد بل كلهن يجاوزن هذا الحد فى الولاد. وهذا الزمان يتم من بعد ان تعلق المرأة بمائة وثلثة وثمنين يوما. واعرف انا امرأة واحدة ولدت بعد ان استتمت مائة واربعة وثمانين يوما.
صفحة ٣٣٩
ومن البين انه انما اريد فى هذا الموضع باليوم عدد اربعة وعشرين ساعة. وعلى هذا يقول الناس فى السنة انها ثلثمائة وخمس وستين يوما وربع وفى الشهر انه تسعة وعشرون يوما ونصف. وجميع الناس يعلم ان الشهر انما ما بين مجامعة القمر للشمس الى ان يعود فيما معها. وقد بين ابيرخس انه يتصل بهذا جزء اخر من ثلثمائة واثنين وسبعين جزءا من يوم تام وجزء من سبعة وعشرين الفا منه وجزء اخر منه تابع لهذا يسير جدا ذكرة فى هذا الموضع من الفضل. فقد تم ما كنا قصدنا له وهو ان بقراط وضع المقالة الثانية من كتابه المعروف بابيديميا التى انما جعلها تذكرة له وهو بعد بحث هل التسعة الشهور اليونانية تتم فى مائتى يوم وسبعين يوما على ما ظن من قال ان الشهر ثلثون يوما ام ليس تولد الاطفال لتسعة اشهر فى هذا العدد من الايام بالحقيقة. ووضع كتابه فى المولود لثمانية اشهر بعد ان عرف جميع ما يحتاج اليه فى هذا الكتاب باستقصاء. وفى هذا الكتاب بين انه انما يمكن ان تولد الاطفال لسبعة اشهر بعد نصف السنة.
وانا واضع ذلك القول بعينه الذى اخذناه من الكتاب الذى عنوانه فى المولود لثمانية اشهر ومفسره عن اخره لمن احب فهمه والوقوف عليه. «المولدون لسبعة اشهر يكون ولادهم فى المائة اليوم ولاثنين والثمانين اليوم وجزء متصل بهذا». اقول انه انما يعنى بالجزء المتصل بالمائة والاثنين والثمانين يوما الخمس عشرة ساعة مع الجزء اليسير المضاف اليها كما قلت قبيل وهو على التقريب جزء من اربعة وعشرين جزءا من ساعة. ومن البين انا نعنى فى جميع امثال هذه الاقاويل بالساعات الساعات المستوية التى يسمى المنجمون كل اربعة وعشرين ساعة منها يوما وليلة كانها متساوية اذ كان الذى يوجد فيها من الاختلاف يسير〈ا〉 جدا حتى ان قوما رأوا ان يلغوا ذكره بتة. وذلك ان الساعات المستوية كانها متوسطة فى طولها بين الساعات التى هى اطول الساعات فى كل واحد من البلدان وبين الساعات التى هى اقصر الساعات فى ذلك البلد. وكذلك فآفهم عنى ما قلت من امر الساعات فى مدة زمان الشهر. وذلك ان الشهور غير متساوية والشهر المتوسط عند من يعد الشهور على استواء تكون ايامه على ما قلت قبيل. وليس الامر كذلك فى السنين. وذلك ان السنين كلها ذاتها مستاوية ان حسبت زمان السنة من رجوع الشمس الى ذلك الجزء بعينه ألذى منه ابتد〈أ〉ت او ان حسبته من احد المنقلبين الى الاخر. ولم يكن الاولون عرفوا ان الزمان الذى من المنقلب الى المنقلب غير الزمان الذى يكون من رجوع الشمس الى تلك العلامة بعينها. واسمى [علامة ذلك العلامة بعينها واسمى] علامة ذلك الشىء الذى من عادة المهندسين ان يسموه نقطة.
صفحة ٣٤٠
ثم من بعد الجزء الاول من قوله الذى فسرته اردفه بهذا القول: «وذلك ان حسبت من الشهر الاول خمسة عشر يوما». ويعنى بهذا ان المرأة وان لم تحمل من الشهر القمرى الا نصفه فان تلك المدة من الزمان تعد شهرا تاما.ومن اجل ذلك صارت 〈تامة الخمسة〉 الشهور التى فيما بين الشهر الاول والشهر السابع يعرض فيهما النقصان الا ان مقدار نقصانهما ليس هو اكثر من نصف شهر. ونصف الشهر هو اربعة عشر يوما ونصف وربع يوم على التقريب. فقد تبين ان مدة زمان الشهر الاول والسابع ينبغى ان يكون اطول من مدة هذا الزمان. فان كان فى وقت من الاوقات مدة زمان الشهر الاول من بعد ان تعلق المرأة اكثر من عشرين يوما كانه عرض مثلا ان يكون ثلثة وعشرين يوما وكان زمان الشهور الخمسة التى تتلوه مائة يوم وسبعة واربعين يوما ونصف. فان مدة الزمان التى تحصل منهما جميعا تكون مائة يوم وسبعين يوما ونصف يوم. ويكون الوقت الذى يمكن ان يولد فيه المولود لسبعة اشهر من بعد هذا الوقت بعد ان يمضى من الشهر السابع خمسة عشر يوما على اقله. ولانه لا محالة قد ينبغى ان يستوفى الحمل من الايام مقدارا فضلا على النصف من الشهر فيصير عدد الايام كلها مائة وخمسة وثمانين يوما ونصف يوم. وكما انه لا يمكن ان يولد الجنين المحمول به هذا الحمل قبل هذا الحد كذلك ايضا لا يمكن ان يولد بعد مائتى يوم. وذلك انك متى زدت على مائة وسبعين يوما ونصف يوم تسعة عشرين يوما كان جميع ذلك مائة يوم وتسعة وتسعين يوما ونصف. ولننزل ايضا ان امرأة حملت من الشهر الاول ثمانية وعشرين يوما وعدد ايام الخمسة الشهور التى تتلوه مائة وسبعة واربعين يوما ونصف وانه مضى من الشهر السابع تسعة وعشرين يوما. فتكون جملة جميع ذلك مائتى يوم واربعة ايام ونصف على ان الشهر الاول والسابع قد تما فى أطول ما يكون من الحدود. فان كان هذان الشهران فى اقل ما يكون من حدهما فان هذا الجنين الذى هذه حاله لا يمكن ان يتربى. وذلك انه على حسب حساب شهور اليونانيين فقد يمكن ان يولد طفل ما لسبعة اشهر فى مدة زمان اقل من نصف سنة.
واما على حسب انه لا يمكن ان يولد الطفل المولود لسبعة اشهر فى اقل من نصف سنة فمن قبل ان يتم مائة واثنان وثمانون يوما وخمس عشر ساعة على التقريب لا يمكن ان يولد فيتربى. فأما الوجه الذى يمكن به ان يسبق به ولاد الجنين هذا الوقت فتتربى على حساب شهور اليونانيين فانصت الى بذهنك حتى أفهمك. انزل ان امرأة حملت من الشهر الاول ستة عشر يوما ثم من بعد الخمسة الشهور اللاحقة [بستة عشر يوما] وستة عشر يوما من الشهر السابع ولدت فيكون جملة زمان الحمل مائة وتسعة وسبعين يوما ونصف يوم. الا انه كما قلت انما اراد انه لا يمكن ان يولد الجنين المولود لسبعة اشهر فى اقل من نصف سنة فيتربى ولا ان حبل به فى زمان اقل من نصف الشهر كان ذلك الشهر الشهر الاول او الشهر السابع.
صفحة ٣٤١
واذ قد تبين رأى بقراط فى ذلك فانى مقبل على ما بقى من تفسير جميع قوله. وذلك انه يأمر ان تحسب الخمسة الشهور التى من بعد الشهر الاول. مائة يوم وسبعة واربعين يوما ونصف. ثم انه من بعد ذلك اخبر بالعلة التى لها حسبت تلك الايام على هذا الحساب فقال: «وذلك انه اذا نقص من الستين يوما يوم واحد كان الباقى بعد ذلك قريبا من شهرين تامين. [وعونى فى هذا الموضع خاصة ذهنك لابين لك لم لم يقل قولا مطلقا ان كان] وأعرنى فى هذا الموضع خاصة ذهنك لابين لك لم لم يقل قولا مطلقا ان كل تسعة وخمسين يوما شهرين تامين لكن استثنى فى قوله قريب. فانما فعل ذلك لانه اراد ان عدد ايام الشهر ليس هو تسعة وعشرين يوما ونصف بالحقيقة ولكنه انما هو كذلك على التقريب. وهذا كما قلت انما يعرفه من المنجمين افاضلهم فقط واما الباقون فيتوهمون انه يتم فى كل تسعة وخمسين يوما شهرين. لكنك متى حسبت الخمسة الشهور مائة وسبعة واربعين يوما ونصف ولم تحسب من الشهر الاول اقل من خمسة عشر يوما فانه يبقى الى ان يكمل نصف السنة عشرين يوما وثلث ساعات وشىء اخر مع ذلك يسير. ولذلك قال انه فى اكثر من عشرين يوما من الشهر السابع. فاما العلة فى قوله اكثر فقد بينها حين قال «اذا زدت احد الجزئين من اليوم على الجزء الاخر» يعنى بقوله «جزء اليوم» نصف ربع اليوم الذى زيد على الثلثمائة ولخمسة والستين يوما من أيام السنة. واما قوله على الجزء الاخر فيعنى به نصف اليوم. وذاك ان نصف السنة هو مائة واثنين وثمانين يوما ونصف يوم وثمن يوم. اذا زيد على النصف اليوم الثمن اليوم فيكون حينئذ جملة ايام نصف السنة مائة يوم واثنين وثمانين يوما ونصف يوم وثمن يوم. وهو الذى قلت قبيل انه خمس عشرة ساعة. فتجتمع من الشهر الاول ومن الخمسة الاشهر التى تتلوه مائة واثنين وسبعين يوما ونصف. والذى يزاد على ايام نصف سنة — هى التى هى مائة واثنين وثمانين يوما ونصف وثمن يوم — عشرين يوما وثمن يوم. فلذلك قال ابقراط انه يقع من الشهر السابع فى اكثر من عشرين يوما وبين العلة فى ذلك بما استثنى فى قوله «اذا زدت احد الجزئين من اليوم على الجزء الآخر» يعنى انه ان زدت على النصف يوم ثمن يوم كان ما يقع من الشهر السابع اكثر من عشرين يوما.
تمت مقالة جالينوس فى المولود لسبعة اشهر.
صفحة ٣٤٢