٣ وأما المختلفة فى جوهرها فتمييزها سهل جدا مثل الدماغ وأميه والعظم واللحم وأما الغضروف فالفصل أيضا بينه وبين العظم بين فى بياضه ولينه وأما عدم الحس فيعمهما جميعا أو يكون الأولى ألا نقول ذلك قولا مطلقا إذ كان بعض العظام له حس مثل الأسنان أو لعل الأولى بهذا السبب ألا يقال فى الأسنان أنها عظام والبحث عن هذه الأشياء عند من كان معظما له مكرما يكون فى نفس جوهر الشىء المقصود إليه وأما عند من يقصد للحق فالبحث عليها إنما هو عما يستدل عليه من الأسماء فإنه كما يوجد لكل واحد من الأسماء فى لغتنا شىء خاصى يدل عليه كذلك أيضا الأمر فى العظام فإنك لو قصدت لإيضاح ذلك فقلت فى الشىء الأصلى الذى هو الجوهر الأرضى مما فى البدن أنه يسمى عظما كان من البين أن الأسنان أيضا تسمى عظاما وقلت فى العظام أن منها ما له حس ومنها ما لا حس له وبالله أقسم أن القول بأن لبعض العظام حسا ليس هو لأن لها ذلك فى طبيعتها فإنه لا يوجد ذلك أيضا للعروق الضوارب وغير الضوارب ولا للحم بل إنما يقول جميع الناس فى هذه الأعضاء أنها حساسة بمنزلة ما يقال فى العظام إذ كانت تشترك فى الحس مع الأعضاء الحساسة ومن البين أن ذلك الحس إنما يكون بالعصبة ومنها يجرى إلى هذه الأعضاء إلا أن هذه المطالبات وإن كانت لا تخص هذا الكتاب الذى نحن بسبيله إلا أنه على حال قد تبين منها أنها مشاركة له لأن غرضنا ليس هو وصف الأعضاء التى هى فى جوهرها متشابهة الأجزاء فقط لكن التمييز بينها أيضا فى الصورة لأن ما يظهر فى علاج التشريح لا نحتاج فيه إلى بحث وذلك أن الأسنان تتبين متشابهة الأجزاء والعظم والغضروف والعصبة والرباط والوتر والدماغ والنخاع والغشاء واللحم المفرد والشظايا التى فى العضل والشحم والغدد وما فى العين أيضا وهى الرطوبة الزجاجية والرطوبة الجليدية والطبقة القرنية والطبقة العنبية والعصبتان المجوفتان وإن أحببت أيضا أن تدخل مع ذلك الرطوبة الرقيقة المبثوثة حول الجليدية لأن فى أمر هذه الرطوبة مطالبة منطقية هل ينبغى أن يسمى عضوا أم لا وكذلك فى الدم والروح
[chapter 4]
صفحة ٥٨