٩ فهذا هو القول على طريق الرسم فى الأسباب الماسكة فى الأبدان السقيمة وأما فى الأبدان السليمة فما قلته آنفا وهو أنه إن كان العضو متشابه الأجزاء فليس لنا أن نقول ان له سببا ماسكا وإن كان آليا مركبا فلنا أن نقول ذلك فى الأشياء التى تصل وتقرن الجواهر الأول البسيطة التى منها تركب وأما من كان من أصحاب المظلة فقد قلت انه يقول بأن لهذه أيضا الأجسام الأول المتشابهة الأجزاء سببا ماسكا وهو جوهر الروح إلا أنه قد يجب على جميع الناس فضلا عن أصحاب المظلة الإقرار بما قلته آنفا من أن الأجسام الثوانى المركبة تجرى مجرى الأجسام التى يؤلفها الصناع فى أن لها أسبابا ماسكة فكما أنا نجد تأليف الكراسى والأسرة والدرج والسفن والبيوت إنما يحفظه ويبقيه الطين والجبسين والكلس والضبات والمسامير والمداخلة وسائر ما أشبهها كذلك الذى يبقى تأليف البدن الرباطات والأوتار واللحم والغضاريف ومن العظام ما يعسر انحلال تركيبه لأسباب غير هذه مثل العظام التى قد نجدها قد ألف بعضها مع بعض على طريق المداخلة أو على طريق الغرز أو على طريق الشأن أو على طريق المطابقة وقد يقول بأن الأجسام أيضا المتشابهة الأجزاء أنفسها التى هى على طبيعتها الذاتية لها مركبة هذا التركيب الذين يقولون بالاسطقسات التى يلقبها اسقليبيادس بغير المؤتلفة ويلقبها غيره بالتى فى غاية الصغر ويلقبها شيعة ابيقورس خاصة بالأجزاء التى لا تتجزأ وذلك أنهم يرون أن الأجسام الطبيعية إنما تكون بأن هذه تختلط وتتركب ضربا من التركيب وأن الأجسام الأول البسيطة أنفسها التى هى اسطقسات الأجسام المحسوسة ليس لها سبب ماسك أصلا فأما ما تركب منها فإن التركيب نفسه الذى يكون منها عند اختلاطها هو سبب ماسك للمركب فأما من قال ان حمى الرأس من الشمس هو سبب ماسك للسخونة الحادثة فى الرأس وان الشق هو سبب ماسك للجرح فإنما أتى من قبل أنه لم يشعر بأنه فى هذا القول إنما هو ذا يعبر على معنى واحد بعينه بأسماء مختلفة وذلك أن حمى الرأس من الشمس ليس هو شيئا غير السخونة الحادثة فى الرأس عن شعاع الشمس وكذلك ليس الجرح شيئا سوى الشق الذى يكون فى اللحم فإن لفظة الشق تدل على معنى جنسى يحدث فى الأجسام المتصلة كلها وذلك أنا نسمى تفرق اتصال هذه الأجسام شقا وأما الجرح والكسر والفسخ والهتك فيشتمل كل واحد منها فى دلالته على معنيين أحدهما على الشق نفسه والآخر على الجسم الذى يحدث فيه وذلك أن الشق إن كان حدوثه فى الجلد أو فيه وفى اللحم الذى من ورائه سميت هذه العلة جرحا وإن كان حدوثه فى عضلة سمى ذلك فسخا وإن كان حدوثه فى عظم سمى ذلك المرض كسرا وإن كان حدوثه فى عضو عصبى سمى ذلك هتكا
[chapter 10]
صفحة ٧٠