============================================================
قلوب القوم فتجافت جنوهم عن المضاجع، سمعت معانيهم بعد سماع صورهم، سمعت الطيور مع سماع الأقفاص، سمعوا قول الحق عز وجل في بعض كلامه: (كذب من ادعى محبتي إذا جنه الليل نام عني)(21). خجلوا واستحيوا من هذه المعاينة فقاموا بين يديه في ظلمة الليل، صفوا أقدامهم بين يديه، آرسلوا دموعهم ( على خدودهم، خاطبوه بدموعهم، ودخلوا عليه بأقدام [1/65] قلوبهم ، ووقفوا بين يديه على قدمي الخوف والرجاء، خوفا من الرد ورجاء أمن القبول. ياقوم: اخدموا هذا الحكم الظاهر، اعملوا بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه، وأخلصوا في أعمالكم، ثم انظروا ماذا ترون من ألطافه وكرامته وطيب مناجاته. يا محرومين، يا آبقين(27)، يا مدبرين، آقبلوا. يا هاربين ارجعوا، لا تهربوا من سهام الآفات، إنما هو توهيم، اثبتوا وقد كفيتم شرها وأمرها، اثبتوا، مايقع فيكم شيء غيركم، ترسها صدور الصديقين، ما آنتم أهلها، ما هي لكم ولا أنتم لها(28)، أنتم نظارة، أنتم تبع، أنتم مكثروا سواد القوم ، ومن كثر سواد قوم فهو منهم. المؤمن له ثلاث أعين: عين( الرأس: ينظر بها إلى [65/ب] الدنيا، وعين القلب: ينظر بها إلى الآخرة، وعين السر: ينظر بها إلى الحق عز وجل.
عين الرأس تفنى مع الدنيا، وعين القلب تفنى (29) مع الآخرة، وعين السر تبقى مع الحق عز وجل في الدنيا والآخرة؛ لأنها ناظرة إليه دنيا وآخرة.
المؤمن الذي هذه صفته إذا كان في العمران فهو رحمة لأهل العمران، لولاه لخسف بتلك الناحية، ولو وقعت الحيطان على أهلها، صدقوا بهذا وآمنوا به، ولا (26) لم نعثر عليه.
(27) الآبق: العبد الهارب من سيده.
(28) أنتم لها: نقص من ().
(29) في (1): تبق.
صفحة ٧٩