============================================================
على أثقال البداية حتى تأتيكم راحة النهاية، البداية انزعاج والنهاية سكون. نبينا صلى الله عليه و[آله وصحبه] وسلم في بدايته حبب إليه الخلوة عن الخلق، ففي بعض الأيام سمع قائلا يقول: يا محمد، فهرب من ذلك الصوت ولم يعلم ما هو، (29ب] بقي على ذلك مدة، ثم علم ما هو فثبت، ثم انقطع ( عنه ذلك الصوت فضاق وهام في الجبال، وكاد أن يلقي نفسه منها. في الأول كان يهرب وفي الثاني صار يطلب. في الأول انزعاج وفي الثاني سكون.
المريد طالب، والمراد مطلوب، كان موسى عليه السلام مريدا ونبينا صلى الله عليه و[آله وصحبه] وسلم مرادا. بقي موسى في ظل وجوده وطلبه لرؤيته على جبل طور سيناء، ونبينا صلى الله عليه و[آله وصحبه] وسلم لما كان مرادا أعطي الرؤية من غير طلب، وقرب من غير شوق وسؤال، أغني من غير طلب اللقاء(57)، وأري ما حجب عن غيره. طلب موسى عليه السلام الرؤية فلم يعط، ووقع ميتا عقوبة لطلبه ما لم يقسم له في الدنيا. ونبينا صلى الله عليه و[آله وصحبه] (1/30] وسلم أحسن أدبه وعرف قدره وتجاهد وتواضع ( ولم يتبسط فأعطي ما لم يعط غيره لنسيانه غير الحق عز وجل وموافقته له الشره والحرص مذموم، اقنعوا بما قسم لكم الله عز وجل وارضوا به. من صبر وصل، من صبر استغنى قلبه وزال فقره. عليك بالخلوة من الخلق وقد قدرت على العبادة والاخلاص فيها، الوحدة خير من أقران السوء. رني عند بعض الصالحين كلب، فقيل له: لم تركت هذا عندك فقال: هو خير من قرين السوء.
كيف لا يحب الصالحون الخلوة وقلوبهم قد امتلأت بالأنس بربهم عز وجل وكنفه عليهم! كيف لا يهربون من الخلق وقد غابت قلوبهم عن النظر في نفعهم (30ب] وضرهم، ورأت الضر والنفع من ربها عز وجل. شراب القرب نخبهم، (57) في (ا): الغناء.
صفحة ٤٤