============================================================
باطنك وخلوتك، يضيء قلبك وسرك، وتطمئن نفسك، يكون كل هذا ببركة عملك بالقرآن، وهذا القرآن شمس مضيثة فاتركوه في بيوت قلوبكم حتى يضيء لكم. ويحكم إذا أطفأتم المصباح كيف ترون ما بين أيديكم في ظلمة الليل، وأجيبوا الرسول إذا دعاكم لما يحييكم. قلب ميت ماذا يسمع! كيف يرى قلب ميت بالدنيا وحبها وحب الخلق ورجائهم؟! كيف يسمع ويرى؟! اعرف الدنيا وقد زهدت فيها اعرف النفس وقد خالفتها، اعرف الخلق وقد أبغضتهم اعرف تقله(21). يا موتق القلوب تطلبون الدنيا والرغبة فيها والمحبة لها، وأنتم يا زهاد طلبكم للجنة قيدكم عن ربكم عز وجل.
ويحكم ( أخطأتم الطريق، حصلوا الجار قبل الدار، والرفيق قبل الطريق. (1/120] وأنتم يا وعاظ قد صعدتم موضع الأنبياء من غير صنعة، قد تقدمتم إلى الصف الأول وما تحسنون الكر والفر والصراع. انزلوا وتعلموا واعملوا وأخلصوا ثم اصعدوا. هذا الأمر (بدؤه) الصراع مع النفس والهوى والطبع والشيطان والدنيا والشهوات واللذات، وترك الخلق، والرؤية لهم في الضر والنفع. فإذا تغلبت على هؤلاء كلهم وقهرتهم بقوة إيمانك ويقينك وتوحيدك خلع الحق على قلبك وسرك ومكنهما في دار قربه، ثم أمرهم على خلقه، وردهما إليهم. فحينئذ تحسن الكر والفر في مصاف الوقوف مع الخلق والمقاسات لهم.
اللهم استعملنا فيما يرضيك عنا وآتنا ( في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا ز120/ب] عذاب النار.
(21) لعله من القلى أي البغض.
صفحة ١٣٣