الجديد في الحكمة
محقق
حميد مرعيد الكبيسي
الناشر
مطبعة جامعة بغداد
سنة النشر
1403م-1982م
مكان النشر
بغداد
تصانيف
فالامكان وقسيماه من حيث هو ذلك ، لا يوصف بكونه موجودا ، أو غير | موجود ، وممكنا أو غير ممكن ، فاذا وصف بشيء من ذلك لا يكون حينئذ | | أحد الثلاثة ، بل يكون له امكان آخر ، أو وجوب آخر وامتناع اخر ، وكذا أمثاله .
والممكن قد يكون ممكن الوجود في ذاته وقد يكون ممكن الوجود لشيء ، وكلما | أمكن وجوده لشيء فهو ممكن الوجود في نفسه ، ولا ينعكس فإنه قد يكون ممكن | الوجود في ذاته ، ولا يكون ممكن الوجود لشيء ، بل إما واجب الوجود لشيء | كالزوجية للأربعة ، أو ممتنع الوجود لشيء ، كالمفارقات ، والامكان للممكنات | واجب ، والا لامكن زواله ، فانقلت الممكن واجبا ، أو ممتنعا ، هذا خلف . والامكان | انما يعرض للماهية اذا أخذت ، مع قطع النظر عن وجودها وعدم علتها .
أما إذا أخذت مع شيء من ذلك امتنع عروض الامكان لها . وكل واحد من الوجوب | والامتناع مشترك بين ما هو بالذات ، وما هو ( لوحة 269 ) بالغير .
وكل واجب بغيره أو ممتنع بغيره ، فهو ممكن في ذاته . ولا يلزم من كون | الوجوب مشتركا بين الوجوب بالذات ، والوجوب بالغير ، كون الوجوب بالذات | مركبا ، لأنه لا يفتقر إلى تعقل غير الذات ، بخلاف الوجوب بالغير المفتقر تعقله | إلى انضياف تعقل الغير إلى تعقل الوجوب .
وكان لا يلزم من كون الامتناع مشتركا بين الامتناع بالذات ، والامتناع | بالغير ، تركيب في الممتنع بذاته الذي يكون منفيا صرفا ، والامكان محوج إلى | السبب ، إذ كل ممكن ، فإن نسبة وجوده وعدمه إلى الماهية على السوية ، وما | هذا شأنه فلا يتخصص أحد طرفيه على الآخر الا بمخصص ، والعلم به فطري .
ولا يلزم من كونه فطريا ، الا يكون قضية أخرى أجلى منها عند العقل ، لجواز | أن يكون ذلك لأمر عائد ، لا إلى التصديق بهما ، بل إلى أمر آخر ، كالتصورات | اللازمة لذلك التصديق . وعدم الممكن المتساوي الطرفين ليس نفيا محضا . | وتساوي طرفي وجوده وعدمه ، ولا يكون إلا في العقل .
فالتخصص عقلي ، وعدم العلة ليس بنفي محض ، وهو يكفي في التخصيص | العقلي ، ولكونه ممتازا عن عدم المعلول في العقل يجوز أن يعلل هذا العدم بذلك | العدم في العقل . ويجب وجود الممكن عند وجود سببه المخصص ، لأنه لو لم | يجب وجوده ، فإما أن يمتنع ، أو يمكن ، وكلاهما باطلان . |
صفحة ٢٣٥