الجديد في الحكمة
محقق
حميد مرعيد الكبيسي
الناشر
مطبعة جامعة بغداد
سنة النشر
1403م-1982م
مكان النشر
بغداد
تصانيف
والشر الذي سببه النقصان والقصور واقع في الجبلة ، فليس | ذلك بالحقيقة خيرا بالقياس إلى شيء ، وليس هو ، لأن فاعلا فعله ، بل | لأن الفاعل لم يفعله ، فلا ينسب إلى الواجب إلا بالعرض .
وأما الشرور المتصلة بالخيرات فأقلية . ولا يوجد ما كله شر ، | ولا ما يغلب شره ، أو يكون الخير والشر فيه متساويين .
ولا يوجد الشر إلا في عالم الكون والفساد ، لأجل التضاد الضروري | ولو كان عالم الكون والفساد كله شرا ، لكان شيئا قليلا ، غير معتد به ، | بالنسبة إلى كل الوجود ، فكيف والسلامة فيه غالبة ! إذ لا توجد هذه | الشرور إلا في حق الحيوانات ، وهي أقل ما في الأرض ، والذي لا يسلم | منها ، فإنه في أكثر أحواله يسلم .
وإنما يستضر في بعض الأحوال ، وفي بعض الصفات ، لا في | الكل .
والمرض والألم ، وإن كانا كثيرين ، إلا أن الصحة والسلامة أكثر ، | فالخير غالب والشر نادر .
وكما أن حال الأبدان على أقسام ثلاثة ، بالغة في الكمال ، ومتوسطة | على مراتب مختلفة ، وشديدة النزول ، فكذلك أحوال النفوس في | الآخرة .
ولا شك أن المتوسط . غالب ، والطرفان نادران . وإذا أضيف | إلى الوسط ، الطرف الفاضل ، صار لأهل النجاة غلبة وافرة .
ومراتب الناس في الآخرة ، كمراتبهم في الدنيا ، ومراتب | السعادات والشقاوات كثيرة .
صفحة ٥٩٧