432

الجديد في الحكمة

محقق

حميد مرعيد الكبيسي

الناشر

مطبعة جامعة بغداد

سنة النشر

1403م-1982م

مكان النشر

بغداد

تصانيف

Creeds and Sects

والشر الذي سببه النقصان والقصور واقع في الجبلة ، فليس | ذلك بالحقيقة خيرا بالقياس إلى شيء ، وليس هو ، لأن فاعلا فعله ، بل | لأن الفاعل لم يفعله ، فلا ينسب إلى الواجب إلا بالعرض .

وأما الشرور المتصلة بالخيرات فأقلية . ولا يوجد ما كله شر ، | ولا ما يغلب شره ، أو يكون الخير والشر فيه متساويين .

ولا يوجد الشر إلا في عالم الكون والفساد ، لأجل التضاد الضروري | ولو كان عالم الكون والفساد كله شرا ، لكان شيئا قليلا ، غير معتد به ، | بالنسبة إلى كل الوجود ، فكيف والسلامة فيه غالبة ! إذ لا توجد هذه | الشرور إلا في حق الحيوانات ، وهي أقل ما في الأرض ، والذي لا يسلم | منها ، فإنه في أكثر أحواله يسلم .

وإنما يستضر في بعض الأحوال ، وفي بعض الصفات ، لا في | الكل .

والمرض والألم ، وإن كانا كثيرين ، إلا أن الصحة والسلامة أكثر ، | فالخير غالب والشر نادر .

وكما أن حال الأبدان على أقسام ثلاثة ، بالغة في الكمال ، ومتوسطة | على مراتب مختلفة ، وشديدة النزول ، فكذلك أحوال النفوس في | الآخرة .

ولا شك أن المتوسط . غالب ، والطرفان نادران . وإذا أضيف | إلى الوسط ، الطرف الفاضل ، صار لأهل النجاة غلبة وافرة .

ومراتب الناس في الآخرة ، كمراتبهم في الدنيا ، ومراتب | السعادات والشقاوات كثيرة .

صفحة ٥٩٧