الجديد في الحكمة
محقق
حميد مرعيد الكبيسي
الناشر
مطبعة جامعة بغداد
سنة النشر
1403م-1982م
مكان النشر
بغداد
تصانيف
وكذلك ما يلزم باعتبار وجوبيهما بغيرهما وتعقيلهما ، وغير ذلك ، | فإن الامكانات والوجوبات والتعقلات ، وما ينحو نحو هذه ، إنما تقال | على ما هو صادق عليه بالتشكيك ، لا بالتوطؤ . فلا يلزم تساوي لوازمه | لو كانت هذه الأشياء عللا مستقلة ، لتلك اللوازم ، فكيف والحق أنها | لا تستقل بالايجاد ، بل هي شروط له .
ومن الجائز ألا يصدر باعتبار هذه الأشياء عن العقل الأول شيء | غير العقل الثاني ، وكذا عن كل عقل عقل آخر فقط . وعلى هذا إلى | أن تصدر عن عقل من العقول ، باعتبار ما فيه ، من أمثال هذه الأمور ، | أو باعتبار مقايسته إلى غيره أو مشاركته معه موجودات أخرى ، أو | موجود آخر غير العقل .
وهذه الاعتبارات في العقل الأول إنما جعلت مثالا وأنموذجا | وتمهيدا ، لكيفية صدور الكثرة عن الواحد ، لا على وجه أنه لا يمكن أن | يكون ما هو في نفس الأمر على خلاف ذلك .
وما في كل فلك كلي لكوكب من السيارة من الأفلاك الكثيرة ، وما | في فلك الكواكب الثابتة ، أو أفلاكها من الكواكب ، يدل على أنه يمتنع | أن يكون صدورها عن عقل ، هو ثاني العقول ، أو ثالثها أو رابعها .
إذ لا يحصل فيه من الحيثيات ، ولا يحصل له من النسب مع غيره | عما يفي بهذه الكثرة المختلفة أن تكون حاصلة منه . وما يصدق على | الواجب لذاته من الاضافات والسلوب ، لا يجوز أن يوجب صدور الكثرة | عنه . فإن هذه إنما تعقل بعد ثبوت الغير ، فلو جعلت مبدأ لثبوت ذلك | الغير ، لكان دورا .
وكون الواجب أو العقل أو النفس يعقل ذاته ، لا يصح أن يصدر | باعتباره أمر غير ما يصدر عن غيره ، من الاعتبارات ، إذ ليس تعقل | المجردات لذواتها أمرا زائدا على ذواتها ، فإنه لا ماهية لها وراء كونها | عاقلة لذاتها . |
صفحة ٥٦٧