الجديد في الحكمة
محقق
حميد مرعيد الكبيسي
الناشر
مطبعة جامعة بغداد
سنة النشر
1403م-1982م
مكان النشر
بغداد
تصانيف
وكما أن النفس لا تقدر على الحكم في الجميع ، إلا بقوة مدركة | للجميع ، فكذلك لا يقدر عليه إلا بقوة حافظة للجميع ، وإلا فتنعدم صورة | كل واحد من مدركات القوة عند إدراكها الآخر ، والتفاتها إليه . وبهاتين | القوتين نبصر القطر النازل خطا مستقيما . والنقطة الدائرة بسرعة | خطا مستديرا ، على سبيل المشاهدة ، لا على سبيل تخيل أو تذكر . | والبصر لا يدرك إلا المقابل وهو قطرة أو نقطة ، ففي قوى الانسان قوة | يؤدي إليها البصر ، فيشاهد ما أدى إليها ، وقبل غيبوبة تلك الصورة ، | أدى إليها ذلك في موضع آخر ، وكذلك حتى حصل من مجموع تلك | الادراكات خط أو دائرة .
وكذلك النائم يرى في نومه أمورا يشاهدها ، لا على ما يكون عليه | حال التخيل ، وكذا جماعة من المرضى وغيرهم يشاهدون ، مع تعطل | حواسهم الظاهرة صورا ، لا يجدها الحاضرون معهم في الخارج . وربما | كانت بحيث لم توجد في الأعيان سببها . والأمور التي يتخيلها الانسان | في غاية أوقاته ، ليس فيها مشاهدة .
وما ذاك إلا لأن الادراك ( لوحة 325 ) بهاتين القوتين ، قد يقوى ، | فتكون مشاهدة ، ويكون ضعيفا في الأغلب ، فيكون تخيلا .
وثالثها - القوة الوهمية ، وهي في التجويف الأوسط من دماغ | الانسان ، تحكم بها النفس أحكاما جزئية . وتدرك في المحسوسات بالحواس | الظاهرة معاني غير محسوسة بها ، مثل إدراك الشاه عداوة الذئب ، | وإدراك الكلب معنى فيمن أنعم عليه موجبا للمتابعة والخضوع له ، وليس | ذلك بالعين ، بل بقوة أخرى . وهذه لبعض الحيوان الأعجم كالعقل | للانسان . |
صفحة ٤٣٣