الجديد في الحكمة
محقق
حميد مرعيد الكبيسي
الناشر
مطبعة جامعة بغداد
سنة النشر
1403م-1982م
مكان النشر
بغداد
تصانيف
ثم إنما يدركان بالبصر وغيره ، وهو لا ( لوحة 284 ) يدرك إلا | بالسمع وأيضا فإنه يبقى بعد فواتهما . وليس عليك من هذه الفروق ، | أنه غير الحركة والتموج . ولو كان الصوت أمرا لا يحصل إلا في | الصماخ ، لما كنا إذا سمعناه عرفنا جهته ، وأنه من قريب أو بعيد ، | | بمجرد السماع ، لا من أبصار التموج . أو الاستدلال بجهاريته | وخفائيته ، على قربه وبعده ، فإذا هو حادث في جهته خارج الأذن .
وأما الصدى فإنه يحصل من انعكاس الهواء المتموج ، من مصادم عال ، | كجبل أو حائط ، محفوظا فيه مقطعات الحروف ، إن كانت فيه حاصلة .
ولا يبعد أن يكون لكل صوت صدى عند كل مصادم ، ولكن في البيوت | يجوز ألا يقع الشعور بالانعكاس ، لقرب المسافة فلا يحس بتفاوت | زماني للصوت وعكسه ، ولهذا يكون صوت المغني في البيت أقوى مما في | الصحراء .
والموجب للصدى ، إن كان ذا ملامسة ، ثبت الصدى زمانا ، لتعاقب | الانعكاس بتعاقب الاندفاع . والهواء إن كان يتشكل بمقاطع الحروف ، | غائب عنا ، يوجب حفظ تلك التقطيعات .
وكيف كان ، فإن الهواء لا يحفظ الشكل ، وهو سريع الالتئام | والتشويش بأدنى سبب ، بل إن كان يتشكل بمقاطعها ، فإنما ذلك لسبب | غائب عنا ، يوجب حفظ تلك التقطيعات .
فإن لم يكن كذا ، لم يكن متشكلا بتلك المقاطع . ولا يكون تشكله بها | شرطا في حدوث حرف أو صوت . ومن الجائز ألا يكون تموج السيال ولا | توسطه ، شرطا في حصول الصوت والحرف ، على كل حال ، بل على وجه | مخصوص ، كحال تعلق النفس بالبدن ، على الوجه الذي هي عليه الآن ، | وإن جاز ألا يكون شرطا على وجه آخر ، أو وجوه أخرى .
ويجوز أيضا أن تحصل بعض الأصوات بعلة ، وبعضها بعلة أخرى ، | لما عرفت أن الواحد بالنوع ، جاز أن يكون له علل مختلفة .
صفحة ٢٨٩