ودخلت مبروكة كلية الهندسة قسم المعمار، وبعدها بعام واحد دخل فتحي أخوها كلية الطب. •••
الفصل العاشر
كان الشيخ إسماعيل عوض يزور ابنته غرارا، وشهد الغنى الفاحش الذي أصبح يتمتع به توفيق، والذي تمثل عند الشيخ إسماعيل في الأثاث الفاخر الذي بذلت صبيحة جهدها الكثيف حتى جعلت توفيق يشتريه قائلة له: لقد أصبحت الآن من الأعيان، ولو جاءك زائر من زوار العمل ورأوا أثاثنا هذا لاحتقرنا، ولخسرت الصفقة التي جاء من أجلها. - ومن هذا الذي سيأتي؟ - أنت الآن تاجر كبير ولا تأمن أن يقصد إليك زوار محترمون بينك وبينهم مصالح.
وكان في قولها هذا فصل الخطاب.
وقد بهر الشيخ إسماعيل أبو صبيحة من جمال الأثاث ومن الملابس الفاخرة التي تلبسها ابنته، التي أخبرته أيضا بأن توفيق اشترى العمارة التي يسكنون بها. وحين جاء الشيخ إسماعيل لم يكن بالبيت إلا ابنته التي رحبت به غاية الترحاب، ولم يكن ذلك عن صلة الرحم وحدها ولكن لأنها كانت تقدر في أبيها العفة النقية، حتى إنه رفض هديتها إليه وكان قماشا فاخرا لجلباب. وهكذا كان من الطبيعي وقد رفض الهدية ألا يفكر أن يستعين بابنته مهما ضاق به العيش.
سأل الشيخ إسماعيل صبيحة: أين زوجك؟ - أظنه سيأتي حالا فهذا موعده. - إذن أنتظره. - وتتغدى معنا اليوم. - لقد تغديت في مطعم بسيدنا الحسين قبل أن آتي. - ألا تلاحظ يا أبا أنك لم تذق في بيتنا لقمة منذ تزوجت؟ - هل يمكن أن أتغدى مرتين؟ - أنا لا أقصد اليوم، وإنما أقصد حرصك على ألا تأكل عندنا. - صدفة يا بنتي. المهم هل أنت سعيدة؟ - رغم بخل توفيق الشديد نحمده ونشكر فضله. - لا جديد في هذا. لا بد أنك تعودت على هذا البخل. - يا أبا إنه كلما اغتنى زاد بخله. - البخل يا بنتي ليس بالغنى أو الفقر. إنه طبيعة في الإنسان. - المهم أبشرك أن مبروكة خطبت. - والجامعة؟ - ودخلت الجامعة.
وقصت صبيحة قصة الخطبة والجامعة على أبيها، وقبل أن تكملها جاء توفيق ورحب بحميه. وحين استقر بهم المجلس قال الشيخ إسماعيل: أنا قادم إليك في عمل أرجو أن يسرك. - أهلا وسهلا بك سواء كنت قادما في عمل أو في غير عمل. - حفظت. أنت تعلم طبعا أن ثمن الفدان قد ارتفع ارتفاعا كبيرا. - طبعا أعرف. الفدان اليوم يساوي خمسين ألف جنيه أو أكثر. - عليك نور. - هذا عملي، وفي نفس الوقت إيراد الفدان زاد ولكن ليس بنفس النسبة. - أرسل إلي وجدي بك شاكر. - عضو مجلس الشعب؟ - نعم، هو يريد أن يشتري منك عشرة أفدنة. - ولماذا لا يشتري الأرض كلها، والبيت أيضا بأرضه. - لعله لا يملك ثمن الأرض كلها. ومن المؤكد أنه لا يريد البيت. - بل عنده ثمن الأرض ومثلها مرتين، أما البيت فتستطيع أن تبيعه وتكسب منه أيضا. - هل عندك مانع أن نذهب إليه معا. - هل سمعت في حياتك عن بائع يذهب إلى المشتري. - من جهة سمعت، نعم سمعت. ولكنك تريد أن تظهر زهدك في الصفقة حتى تبيع بثمن مرتفع. - وما له؟ - إذن أذهب إليه وأخبره. - ومتى ترد علي؟ - في ظرف يومين على الأكثر. •••
وتمت الصفقة كما أرادها توفيق، وكسب فوق ثمنها أنه تعرف على وجدي شاكر عضو مجلس الشعب.
وكان موقف الشيخ إسماعيل غاية في العفة والإباء، فحين عرض عليه وجدي شاكر خمسة آلاف جنيه مقابل إتمامه الصفقة، قال له في شموخ: أترتضى لي هذا؟ - إنه بعض حقك. - لست كما تظن.
وحين عرض عليه صهره توفيق ألفي جنيه، قال له في عنف: هل كنت سمسارا عند أبيك؟ - العفو. اعتبر المبلغ هدية من زوج بنتك. - ومنذ متى رأيتني أقبل هدايا من زوج بنتي؟ وكيف أقبل منك هدية وأنا أرفض أن آخذ من بنتي أية هدية؟
صفحة غير معروفة