التغير، وأنا أعتقد أن الفاعل هو الذي يشعر بالحاجة ويسعى لاستخدام البيئة بالطريقة التي تساعده في إشباع حاجته. والفرق بين النظرتين يكمن في القول بأن النظرية الأولى «أي نظرية دارون» لا تهدف إلى تحقيق غرض ما عن وعي أو بلا وعي، أما النظرية الثانية «أي نظرية لامارك» فتهتدي بهدى غرض يسعى التطور إلى تحقيقه. ووفقا لما تقول به النظرية الأولى، «فإن مجرى الأشياء بأسره محدد مرة واحدة وإلى الأبد تحديدا فرديا ومنعزلا عن طريق التوزيع الأصلي. وها هنا يأتي عالم الحساب من أتباع «لابلاس» وهو مزود بالمعطيات الآلية لأية لحظة ليكشف عن حالة العالم كله في أية لحظة أخرى؛ ذلك لأن هناك مجرى واحدا - واحدا فحسب - يسير فيه نظام المادة الجامدة بلا مرشد - وهو خط لا أثر فيه للمقاومة ... لكن الاتجاهات التي قد ينقاد هذا النظام إلى السير فيها تحت هداية مرشد، وإن كانت لا تزال مطابقة لقانون البقاء - ربما كانت لا حصر لها، ولكي تتنبأ بالتقدم الفعلي عند هذه النظرية فلا غناء في أن تعرف فحسب ما الذي سوف يحدث طبقا للقوانين الآلية لو ترك النظام لنفسه؛ لأنه من الضروري لأي تنبؤ في هذه الحالة أن يعرف غاية أو معنى مثل هذا التقدم ... تخيل مركبا مهجورا وباخرة مجهزة تجهيزا تاما بالعتاد: إنك لو كانت لديك معلومات كافية عن الرياح والمد والجزر والتيارات، ففي استطاعتك أن تقول أين يمكن أن يوجد هذا المركب المهجور بعد أسبوع واحد. غير أن هذه المعلومات سوف تكون أهميتها في المرتبة الثانية لو أنك حاولت أن تتنبأ بمكان الباخرة المجهزة بعد أسبوع من صدور الأوامر إليها بالإبحار.»
33 (21) إنه لكي يكون الكون متطورا تطورا حقيقيا فلا بد له أن يظهر باستمرار شيئا جديدا كل الجدة، أعني أن التطور لا بد أن يكون خلاقا: «إننا ننظر إلى عالمنا اليوم على أنه عالم في دور التكوين، وإلى أنفسنا على أننا جزء منه في دور التكوين أيضا. إن حاضرنا ليس غير ساكن فحسب، بل ومتحرك حركة لا يمكن لها هي ذاتها أن تتكرر غدا. وجزيرتنا الكوكبية نفسها ليست تامة مثل تلك الجزر الكونية التي يحدثنا علماء الفلك أنها في مراحل مختلفة من الصيرورة، ويبدو أن «كانط» يزعم أن العقل البشري منته تام الصنع، أو هو جزء من الوجود مكتمل. غير أن العقل البشري ليس إلا جزءا من تيار التغير ... والكائنات الحية منهمكة طوال الوقت في أن تصبح شيئا خلاف ما هي عليه الآن، وكذلك العقل البشري ومعه بقية الكون.»
34
والخواص الجديدة التي تظهر في مجرى التطور ينبغي ألا تكون مجرد خواص «ناتجة
Rresultant » يمكن أن تضاف أو تطرح أو يتنبأ بها، وإنما يجب أن تكون خواص طارئة
Emergent ، خواص جديدة جدة حقيقية ولا يمكن التنبؤ بها . «إن النواتج
Resultants
تعطينا اتصالا كميا يكمن خلف خطوات بنائية جديدة في المفاجآت الطارئة. والخطوة الطارئة ينظر إليها نظرة أفضل، بوصفها تغيرا كيفيا للاتجاه، أو نقطة تحول دقيقة في مجرى الحوادث. ولا يكون هناك بهذا المعنى الكسر المتقطع الموجود في حالة الهوة
gap
أو الفجوة
صفحة غير معروفة