وفي هذا العشر، وصل الخبر، أنه كان في بلاد حوران على قرية يقال لها الخمان وقعة بين مقلد، وأبي بكر بن قديم أميري عرب آل مري، قتل فيها مائتا رجل، منهم بعض أولاد القاق، مقدم بلاد الجيدور، وبعض أولاد حسين أمير عرب حارثة وكانت الدولة فيها لمقلد؛ وذلك أنه رجل شجاع عفيف محبب إلى رعيته، كان أمره أعلى، وكان من عادة سلطان الزمان جقمق الشركسي، الملقب بالظاهر، خفض كل من كان بهذه الصفة، فعزله، وولى قريبه أبا بكر بن قديم، فلم يدن له الناس، فجمع ممن أطاعه، من العشير، والعرب، والتركمان ناسا كثيرا، وسار بهم لقتال مقلد، وكان في مائتي فارس فقط، فلما سمع بهم عرف أنه لا يطيقهم؛ فرحل من طريقهم فلقاه القدر إياهم على الخمان، فاضطر إلى قتالهم، وسلط الله عليهم ريحا مظلما، ضرب بها وجوههم، حتى ضرب بعضهم بعضا، فانهزموا، فقتل من تقدم، وهرب ابن قديم إلى الغوطة، وكان السلطان قد أرسل بعض دويداريته، لكشف أمر الرجلين، ثم بدا له، فأرسل في إثره أن يلبس ابن قديم خلعة، فأرسل نائب الغيبة بدمشق إليه فألبسه الخلعة، وكان ناس من أهل حوران قد أتوا إلى دمشق سائلين أن يولي مقلد؛ فإن بلادهم فسدت، ولا يقدر على حفظها غيره، فصادفوا ابن قديم لابسا خلعة الاستمرار في ناحية ميدان الحصا، فرجموه.
قصة السفاري:
صفحة ١١٤