122

كان جرس القلعة الثقيل قد دق معلنا ساعة الظهيرة، عندما سمعت ريبيكا وقع أقدام فوق الدرج الخاص الذي يؤدي إلى مكان حبسها. وقد أعلنت الضجة عن وصول عدة أشخاص؛ ما جعلها تشعر بالفرح بعض الشيء؛ لأنها كانت تخشى من الزيارات المنفردة لبوا جيلبرت العنيف السريع الغضب أكثر من خشيتها لأي شر آخر قد يصيبها. لم يكن باب غرفتها موصدا، ودخل كونراد وكبير المقر مالفوازان، وبصحبتهما أربعة حراس كانوا متشحين بالسواد ويحملون الرماح.

قال المعلم: «يا ابنة العرق الملعون! انهضي واتبعينا.»

قالت ريبيكا: «إلى أين ولم؟»

أجاب كونراد: «أيتها الفتاة، ليس لك أن تسألي، بل عليك أن تطيعي. ومع ذلك، ليكن معلوما لك أنك ستمثلين أمام محكمة السيد الأعظم لطائفتنا المقدسة كي تجيبي عن جرائمك.»

قالت ريبيكا وهي تضم يديها في ورع: «ليتبارك إله إبراهيم! إن اسم أحد القضاة، ولو كان عدوا لقومي، هو حام لي. سأتبعكم طواعية، فقط اسمحوا لي أن ألف خماري حول رأسي.»

نزلوا الدرج بخطوات بطيئة ومهيبة، واجتازوا رواقا طويلا، ومن خلال باب ذي درفتين قابلتين للطي في نهايته دخلوا إلى قاعة كبيرة كان السيد الأعظم قد أقام فيها في ذلك الوقت محكمة عدالته. وبينما كانت ريبيكا تمر عبر الجمع ضمت ذراعيها وأحنت رأسها، ودس أحدهم قصاصة من الورق في يدها، فأخذتها في غير وعي تقريبا، وظلت ممسكة بها دون أن تتفحص محتواها.

كانت هيئة المحكمة المنعقدة لمحاكمتها تشغل المنصة أو الجزء المرتفع من الطرف الأعلى للقاعة الكبيرة. وعلى مقعد مرتفع أمام المتهمة مباشرة، جلس السيد الأعظم لطائفة فرسان الهيكل في ثوب طويل فضفاض أبيض، ممسكا في يده بعصا سلطته الروحية التي حملت رمز الطائفة. وكان كبار المقار، الذين كان أربعة منهم حاضرين، يشغلون المقاعد الأدنى التي كانت بطريقة ما متراجعة وراء مقعد رئيسهم. أما الفرسان الذين لم يكونوا يتمتعون بمثل هذه الرتبة في الطائفة، فقد جلسوا على مقاعد أدنى، مع الحفاظ على المسافة نفسها من كبار المقار كالتي بين كبار المقار والسيد الأعظم. وخلفهم، ولكن أيضا على المنصة أو الجزء المرتفع من القاعة، وقف وصفاء الطائفة، وكانوا يرتدون ثيابا بيضاء أقل جودة.

أما الجزء المتبقي والأدنى من القاعة، فقد كان ممتلئا بحراس يحملون حرابا، وبخدم آخرين كان الفضول قد اجتذبهم إلى هناك لرؤية السيد الأعظم والساحرة اليهودية في الوقت ذاته. افتتحت جلسة اليوم بإنشاد ترنيمة، وارتأى لوكاس أن الألحان الوقورة لترنيمة «هلم نرنم للرب» هي الأنسب للتمهيد للنصر الوشيك - إذ هكذا كان يعد هذه المحاكمة - على قوى الظلام.

عندما توقفت الأصوات جال السيد الأعظم ببصره ببطء حول الدائرة، ولاحظ أن مقعد أحد كبار المقار كان فارغا. كان براين دي بوا جيلبرت، الذي كان يجلس في ذلك المقعد، قد غادر مكانه، وكان عندئذ يقف بالقرب من الركن القصي لأحد المقاعد التي كان يشغلها رفقاؤه من فرسان الهيكل، باسطا عباءته الطويلة بإحدى يديه، كي يخفي بها وجهه بعض الشيء، بينما كان يمسك في اليد الأخرى بسيفه الذي كان له مقبض على شكل صليب، وكان يرسم ببطء بسنه خطوطا على الأرضية المصنوعة من خشب البلوط.

قال السيد الأعظم بعدما أولاه نظرة شفقة: «رجل تعيس! انظر يا كونراد كيف يضنيه هذا العمل المقدس. انظر كيف لا يمكنه النظر إلينا، ولا يمكنه النظر إليها، ومن يعلم بأي إيعاز من معذبته ترسم يده خطوط الكابالا هذه على الأرضية؟!»

صفحة غير معروفة