الِاحْتِمَال السَّابِق ويتعدد إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ عقلا وَإِلَى سِتَّة أَو سَبْعَة استقراء إِذْ هُوَ أَكثر مَا وجد من رِوَايَة بعض التَّابِعين عَن بعض وَلِهَذَا لم يصوب قَول من قَالَ الْمُرْسل مَا سقط مِنْهُ الصَّحَابِيّ إِذْ لَو عرف أَن السَّاقِط صَحَابِيّ لم يرد أَو كَانَ السَّاقِط بعد غَيره أَي غير التَّابِعِيّ بِأَن يكون من أثْنَاء الْإِسْنَاد فَإِن كَانَ يفوق وَاحِد أَي بِاثْنَيْنِ فَصَاعِدا وَلَاء فمعضل وَإِلَّا بِأَن كَانَ بِوَاحِد أَو أَكثر لَا التوالي بل من موضِعين من الْإِسْنَاد أَو أَكثر فَهُوَ مُنْقَطع فَإِن خَفِي السقط بِحَيْثُ لَا يُدْرِكهُ إِلَّا الْأَئِمَّة الحذاق المطلعون على علل الْأَسَانِيد وطرق الحَدِيث ككون الرَّاوِي أرسل عَمَّن عرف لقِيه إِيَّاه مَا لم يسمع مِنْهُ فمدلس بِفَتْح اللَّام وَالْفَاعِل لذَلِك مُدَلّس بِكَسْرِهَا وَمن عرف بذلك وَهُوَ ثِقَة لم يقبل من رواياته إِلَّا مَا صرح فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ
وَأما أَن يكون الرَّد لطعن فِي الرَّاوِي فَإِن كَانَ لكذب فِي الحَدِيث بِأَن يرْوى عَن النَّبِي ﷺ مَا لم يقلهُ مُتَعَمدا لذَلِك فموضوع وَهُوَ شَرّ الْمَرْدُود وَيعرف باقرار الرَّاوِي بِوَضْعِهِ وبقرائن يُدْرِكهَا من لَهُ فِي الحَدِيث ملكة قَوِيَّة واطلاع تَامّ مِنْهَا أَن يكون مناقضا لنَصّ الْقُرْآن أَو السّنة المتواترة أَو الْإِجْمَاع الْقطعِي أَو صَرِيح الْعقل حَيْثُ لَا يقبل شَيْء من ذَلِك التَّأْوِيل وَمِنْهَا مَا يُؤْخَذ من حَال الرَّاوِي كَمَا وَقع لغياث بن ابراهيم حِين دخل على الْمهْدي فَوَجَدَهُ يلْعَب بالحمام فساق فِي الْحَال إِسْنَادًا إِلَى النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ لَا سبق إِلَّا فِي نصل أَو خف أَو حافر أَو جنَاح فَزَاد فِي الحَدِيث أَو جنَاح فَعرف الْمهْدي أَنه كذب لأَجله فَأمر بِذبح الْحمام ثمَّ تَارَة يخترع الْوَاضِع كلَاما من عِنْده وَتارَة يَأْخُذ كَلَام غَيره كبعض السّلف أَو قدماء الْحُكَمَاء أَو الْإسْرَائِيلِيات أَو يَأْخُذ حَدِيثا ضَعِيف الْإِسْنَاد فيركب لَهُ إِسْنَادًا صَحِيحا ليروج وَالْحَامِل على ذَلِك إِمَّا عدم الدّين كالزنادقة أَو غَلَبَة الْجَهْل كبعض المتعبدين الَّذين وضعُوا أَحَادِيث فَضَائِل الْقُرْآن أَو فرط العصبية كبعض المقلدين أَو اتِّبَاع هوى بعض الرؤساء أَو الأغراب لقصد الاشتهار
وَأجْمع من يعْتد بِهِ على تَحْرِيم ذَلِك كُله بل كفر الْجُوَيْنِيّ من تعمد الْكَذِب على النَّبِي ﷺ وعَلى تَحْرِيم رِوَايَة الْمَوْضُوع إِلَّا مَقْرُونا بِبَيَان حَاله
1 / 52