إتمام الدراية لقراء النقاية

جلال الدين السيوطي ت. 911 هجري
110

إتمام الدراية لقراء النقاية

محقق

إبراهيم العجوز

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٥ هجري

مكان النشر

بيروت

الْمُؤمن أَو يَسْتَحِيل قِيَامه من الْمَذْكُور عقلا كمحبتك جَاءَت بِي إِلَيْك أَو عَادَة كهزم الْأَمِير الْجند ثمَّ قد يُرَاد بالْكلَام إِفَادَة الْمُخَاطب الحكم المتضمن لَهُ أَو إفادته كَونه أَي الْمُتَكَلّم عَالما بِهِ فليقتصر الْمُتَكَلّم على قدر الْحَاجة فحالي الذِّهْن من الحكم لَا يُؤَكد لَهُ لإستغنائه عَنهُ بل يلقِي إِلَيْهِ الْكَلَام خَالِيا من أَدَاة التَّأْكِيد والمتردد فِيهِ يُقَوي بمؤكد إستحسانا وَالْمُنكر لَهُ يُؤَكد بِأَكْثَرَ بِحَسب الْإِنْكَار قَالَ الله تَعَالَى حِكَايَة عَن رسل عِيسَى ﵊ إِلَى أهل إنطاكية إِذْ كذبُوا أَولا ﴿إِنَّا إِلَيْكُم مرسلون﴾ فأكد بِأَن واسمية الْجُمْلَة وَثَانِيا ﴿رَبنَا يعلم إِنَّا إِلَيْكُم لمرسلون﴾ أكد بالقسم وَإِن وَاللَّام واسمية الْجُمْلَة لمبالغة المخاطبين فِي الْإِنْكَار فَالْأول ابتدائي وَالثَّانِي طلبي وَالثَّالِث إنكاري أَي يُسمى كل من المقامات بذلك وَقد يَجْعَل الْمُنكر كَغَيْرِهِ فَلَا يُؤَكد لَهُ لداع مَعَه لَو تَأمله ارتدع عَن إِنْكَاره كَقَوْلِك لمنكر الْإِسْلَام حق بِلَا تَأْكِيد لِأَن مَعَه دَلَائِل دَالَّة على حَقِيقَة الْإِسْلَام وَعَكسه أَي يَجْعَل غير الْمُنكر كالمنكر فيؤكد لَهُ لظُهُور إِمَارَة للإنكار عَلَيْهِ كَقَوْلِه (جَاءَ شَقِيق عارضا رمحه ... إِن بني عمك فيهم رماح) أكدوا إِن لَا يُنكر أَن فِي بني عَمه رماحا لَكِن لما جَاءَ وَاضِعا رمحه على الْعرض من غير الْتِفَات وَلَا تهيؤ فَكَأَنَّهُ اعْتقد أَنهم عزل لَا سلَاح لَهُم فَنزل منزلَة الْمُنكر وَقد قَالَ تَعَالَى ﴿ثمَّ إِنَّكُم بعد ذَلِك لميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة تبعثون﴾ زيد فِي تَأْكِيد الْمَوْت بِاللَّامِ وَإِن كَانُوا لَا ينكرونه لِأَن من اعْتقد حقيته فَشَأْنه الاستعداد لَهُ فَلَمَّا لم يستعدوا لَهُ بِالْإِسْلَامِ فكأنهم ينكرونه وَتركت من الْبَعْث وَإِن أنكروه لتقدم مَا دلّ على حقيته قطعا فِي آيَات خلق الْإِنْسَان إِذا الْقَادِر على الْإِنْشَاء قَادر على الْإِعَادَة فَلَو تأملوا ذَلِك لم ينكروه

1 / 112