259

إثبات نبوة النبي

تصانيف

ومن ذلك ما اختصت به هذه الأمة من العلوم الجمة ، التي لم تختص بها أمة من الأمم ، فإن المتكلمين منهم ، عبروا في وجوه جميع المخالفين كالفلاسفة ، وفرق الثنوية ، من الدياصنية ، والمانوية ، وكاليهود والنصارى . وأبروا (¬2) عليهم ، ونصروا الحق ، حتى لا تجد أحدا من هؤلاء إذا ناظر متكلما من المسلمين إلا مجندلا مشهودا . ولا يكاد يجري معه شوطا (¬1) أو شوطين ، إلا أن يكون استعان على علمه بشيء من كلام متكلمي الاسلام .

ثم الفقهاء الذين أصلوا أصول الفقه وفروعه ، دققوا وأتقنوا ، وبلغوا من ذلك المبلغ الذي لا تخفى مرتبته على أحد من العلماء ، وليس لغير أهل الكتاب شيء منها . فإنهم صنفان: يهود ، ونصارى .

أما النصارى فليس لهم من الحلال والحرام ، إلا اليسير الذي لا يؤبه له . فإنهم يعولون في حوادثهم على أحكام التوراة .

وأما اليهود مع كثرة التوراة ، فليس لهم من الفقه إلا ما يكاد يبلغ عشر عشر ما للمسلمين .

ثم القراء من المسلمين ضبطوا أصول القراءات ووجوهها ، ضبطا لا يحكى أقله عن أحد من أهل الكتاب ، ثم النحاة منهم ضبطوا الإعراب ، وفرعوا وأصلوا ، كما ترى . وليس ذلك إلى هذا الحين لشيء من الأمم .

ثم تأمل نقل أصحاب الحديث وضبطهم له ، واختصاصهم منه بما لم يختص به أحد من الأمم .

صفحة ٣١٥