286

إثارة الترغيب والتشويق إلى المساجد الثلاثة والبيت العتيق‏ - الجزء1

تصانيف

الفصل الرابع فى ذكر كيفية فتح المدينة (1)

اعلم أن المدينة لم تفتح بقتال وإنما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرض نفسه فى كل موسم على الناس ويقول: ألا رجل يحملنى إلى قومه فإن قريشا قد منعونى أن أبلغ كلام ربى، فلقى فى بعض السنين رهطا من الخزرج، فدعاهم إلى الله تعالى وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن، وقد كانوا يسمعون من اليهود أن نبيا مبعوثا قد أظل زمانه، فقال بعضهم لبعض: يا قوم والله إن هذا النبى الذى تعدكم به اليهود فلا تسبقكم إليه، فأجابوه، وكانوا ستة: أسعد بن زرارة، وعوف، ورافع ابن مالك، وقطبة بن عامر بن حديدة، وعقبة بن عامر بن نابى، وجابر بن عبد الله ابن رباب، فلما انصرفوا ذكروا لقومهم ما جرى لهم، ففشى الإسلام فيهم حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا ولرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيها ذكر، حتى إذا كان العام المقبل أتى فى الموسم اثنى عشر رجلا من الأنصار، فلقوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالعقبة- أى: جمرة العقبة- فبايعوه عندها، فلما انصرفوا بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) معهم مصعب بن عمير إلى المدينة يفقه أهلها ويقرئهم القرآن ويدعو الناس إلى الإسلام، فأسلم على يديه خلق كثير. ثم لقيه فى الموسم الآخر سبعون رجلا من الأنصار ومعهم امرأتان فبايعوه، وأرسل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصحابه إلى المدينة، ثم خرج من الغار بعد ذلك فقدمها يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة مضت من ربيع الأول، وقيل: لليلتين خلتا منه، وقيل: لهلال ربيع الأول، والقول الأول أصح. ولما أرخوا من الهجرة ردوا التاريخ إلى المحرم؛ لأنه أول السنة (2).

ولما دخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة مكث بقباء ثلاث ليال، ثم ركب يوم

صفحة ٣١٤