العمارة شيئا.
وقال على بن طلحة، عن ابن عباس فى تفسير هذه الآية، قال: نزلت فى العباس بن عبد المطلب بعد بدر أنه قال: إن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقى الحاج ونفك العانى، قال الله تعالى:
أجعلتم سقاية الحاج إلى قوله: والله لا يهدي القوم الظالمين يعنى: إن ذلك كان فى الشرك، ولا أقبل ما كان فى الشرك (1).
وعن النعمان بن بشير الأنصارى قال: كنت عند منبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى نفر من أصحابه، فقال رجل منهم: ما أبالى أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أسقى الحاج، وقال آخر: بل عمارة المسجد الحرام، وقال آخر: بل جهاد فى سبيل الله خير مما قلتم، فزجرهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يوم الجمعة ولكنى إذا صليت الجمعة دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاستفتيته فيما اختلفتم فيه، قال: ففعل، فأنزل الله تعالى: أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام إلى قوله: والله لا يهدي القوم الظالمين أى: الواضعين الفخر والمدح فى غير موضعهما (2).
وقوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله (3) سبحان علم للتسبيح كعثمان علم للرجل، وانتصابه بفعل مضمر متروك إظهاره تقديره: أسبح الله سبحانا، ثم نزل سبحان منزلة الفعل فسد مسده ودل على التنزيه البليغ من جميع القبائح التى يضيفها إلى الله أعداء الله تعالى.
قوله: سبحان : يعنى يمجد الله تعالى نفسه ويعظم شأنه؛ لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه فلا إله غيره.
صفحة ٥٥