إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد

ابن الوزير ت. 840 هجري
28

إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٩٨٧م

مكان النشر

بيروت

الْخَوْض فِيهِ مَعَ عظم الْخطر فِي الْخَوْض فِيهِ فَاضْرب عَنهُ وطالب من دعَاك إِلَيْهِ بِالدَّلِيلِ الْوَاضِح على الْوُجُوب وَأعْرض مَا أورد عَلَيْك فِيهِ من الْأَدِلَّة على النصحاء والأذكياء من الْعلمَاء حَتَّى تعرف الْوُجُوب يَقِينا من غير تَقْلِيد ثمَّ حرر النِّيَّة الصَّحِيحَة بعد ذَلِك فِي معرفَة الْحق وَمَا أوجب الله مَعْرفَته طَاعَة لله لَا لمباهاة وَلَا مراآة وَلَا مماراة ثمَّ اسْتَعِنْ بِاللَّه واستغث بِهِ وَانْظُر فِي الخلوات خالطا للنَّظَر بِالدُّعَاءِ والتضرع والاستعاذة من الْفِتَن فَإنَّك ترى بذلك من العون والسهولة مَا وعد الله بِهِ الداعين لَهُ الراجعين إِلَيْهِ فَإِن الله تَعَالَى إِذا أوجب أمرا أعَان عَلَيْهِ من أَرَادَ الْأَدِلَّة بنية صَحِيحَة كَمَا ثَبت عَن ابْن عَبَّاس ﵄ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى ﴿إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ﴾ وَإنَّهُ قَالَ لَو صَبَرُوا عَلَيْهَا لطوقوها فَلَمَّا نقص من تكليفهم نقص من صبرهم رَوَاهُ البُخَارِيّ وَله شَوَاهِد وَالْعقل يشْهد لذَلِك أَيْضا وَمِنْه كَلَام معَاذ ﵁ حِين احْتضرَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْفِتَن عَن يزِيد بن عميرَة عَنهُ وَسَيَأْتِي وَلَا تستعن فِي ذَلِك إِلَّا بِمن يوثق بورعه ونصحه وتقواه وَمَا أقلهم وَلَكِن أستعن بِالنّظرِ فِي تآليف الْعلمَاء الحافلة الجامعة لأدلة الْفرق فَإِن لم تَجِد كتابا كافلا جَامعا لأدلة الْفرق طالعت الْمَسْأَلَة فِي كتب الْفرق وَرَأَيْت حجَّة كل فرقة فِي كتبهمْ لَا فِي كتب خصومهم الَّذين يسمون أَدِلَّة من خالفهم شبها ويوردونها غير مستوفاة ويجيبون عَنْهَا بأجوبة مُحْتَملَة للنقض وَلَا يذكرُونَ مَا يرد على أجوبتهم وَهَذَا عِنْد الإضطرار إِلَى ذَلِك وَمن الْقَوَاعِد المقربة لَك إِلَى النجَاة أَن تنظر كل قَوْلَيْنِ مُخْتَلفين يخَاف الْكفْر وَالْعَذَاب الأخروي فِي أَحدهمَا دون الآخر فابعد عَنهُ واحذره أَلا تراك تخَاف الْكفْر فِي جحد الْعُلُوم لَا فِي ثُبُوتهَا وَفِي جحد الرب لَا فِي الْإِيمَان وَفِي جحد النبوات لَا فِي إِثْبَاتهَا وَفِي التَّفْرِيق بَين الرُّسُل كَمَا فعلت الْيَهُود وَالنَّصَارَى لَا فِي الْإِيمَان بجميعهم وَفِي عدم الْإِيمَان بِمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآن وَالسّنة لِأَن خلاف السّمع الْمَعْلُوم كفر اجماعا لَا فِي خلاف الْعقل الْمَعْلُوم لِأَنَّهُ لَيْسَ كفرا بِالْإِجْمَاع فاعرف هَذِه الْقَاعِدَة وَاعْلَم أَن الْفطْرَة الَّتِي خلق الله لَك تدْرك الْقوي من الضَّعِيف فِي تِلْكَ

1 / 36