إتحاف ذوي الألباب في قوله - تعالى -: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}

مرعي الكرمي ت. 1033 هجري
96

إتحاف ذوي الألباب في قوله - تعالى -: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}

الناشر

منشورات منتديات كل السلفيين.

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢م.

تصانيف

التفسير
وَأَئِمَّةِ الدِّينِ، وَمُخَالِفٌ لِصَرِيحِ المَعْقُولِ، وَمُخَالِفٌ لِلْحِسِّ وَالمُشَاهَدَةِ، وَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ إِسْقَاطِ الأَسْبَابِ نَظَرًا إِلَى القَضَاءِ وَالقَدَرِ، فَرَدَّ ﵇ ذَلِكَ؛ كَمَا فِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ عُلِمَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! أَفَلَا نَدَعُ العَمَلَ وَنَتَّكِلُ عَلَى الكِتَابِ؟! فَقَالَ: «لَا؛ اعْمَلُوا؛ فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» (١)، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنَ الأَحَادِيثِ وَالآيَاتِ. وَفِي «السُّنَنِ» أَنَّهُ ﵇ قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا وَرُقًى نَسْتَرْقِي بِهَا وَتُقَاةً نَتَّقِيهَا، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللهِ شَيْئًا؟ فَقَالَ ﵇: «هِيَ مِنْ قَدَرِ اللهِ - تَعَالَى -» (٢). فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ اللهَ - تَعَالَى - جَعَلَ السَّعَادَةَ وَالشَّقَاوَةَ أَسْبَابًا، وَأَنَّهُ ﷾ هُوَ مُسَبِّبُ الأَسْبَابِ وَخَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ بِسَبَبٍ، لَكِنَّ الأَسْبَابَ - كَمَا قَالَ فِيهَا الغَزَالِيُّ وَابْنُ الجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمَا -: الالْتِفَاتُ إِلَى الأَسْبَابِ شِرْكٌ فِي التَّوْحِيدِ، وَالإِعْرَاضُ عَنِ الأَسْبَابِ بِالكُلِّيَّةِ قَدْحٌ في الشَّرْعِ، وَالتَّوَكُّلُ مَعْنًى يَلْتَئِمُ مِنْ مَعْنَى التَّوْحِيدِ وَالعَقْلِ وَالشَّرْعِ؛ فَالمُؤْمِنُ المُتَوَكِّلُ لَا يَلْتَفِتُ إلَى الأَسْبَابِ؛ بِمَعْنَى: أَنَّهُ لَا يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا وَلَا يَثِقُ بِهَا، وَلَا

(١) مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٤٩٤٥) وَمُسْلِمٌ (٢٦٤٧) - وَقَدْ تَقَدَّمَ -. (٢) مِنْ حَدِيثِ أَبِي خُزَامَةَ عَنْ أَبِيهِ - وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنِ ابْنِ أَبِي خُزَامَةَ عَنْ أَبِيهِ -، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (٢٠٦٥) وَ(٢١٤٨)، وَابْنُ مَاجَهْ (٣٤٣٧)، وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ، انْظُرِ «التَّعْلِيقَاتِ الحِسَانَ» (٨/ ٤٥٦).

1 / 103