إتحاف الأحباب بما ثبت في مسألة الحجاب
الناشر
الجامعة الإسلامية
رقم الإصدار
السنة التاسعة-العدد الأول
سنة النشر
جمادى الثانية ١٣٩٦هـ/ يونيو ١٩٧٦م
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
أبلغ من القَوْل اهـ.
ثمَّ قَالَ الْحَافِظ: روى أَحْمد، وَابْن خُزَيْمَة من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي ﷺ قَالَ: للفضل حِين غطى وَجهه هَذَا يَوْم من ملك فِيهِ سَمعه وبصره، وَلسَانه غفر لَهُ اهـ.
قلت: هُنَاكَ حَدِيث آخر أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده، وَأَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة بِإِسْنَاد صَحِيح فال الإِمَام التِّرْمِذِيّ بَاب مَا جَاءَ فِي احتجاب النِّسَاء عَن الرِّجَال، ثمَّ قَالَ: حَدثنَا سُوَيْد، عبد الله نَا يُونُس بن يزِيد، عَن ابْن شهَاب، عَن نَبهَان مولى أم سَلمَة، أَنه حَدثهُ أَن أم سَلمَة حدثته، "أَنَّهَا كَانَت عِنْد رَسُول الله ﷺ، ومَيْمُونَة، قَالَت فَبَيْنَمَا نَحن عِنْده أقبل ابْن أم مَكْتُوم، فَدخل عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بعد مَا أمرنَا بالحجاب فَقَالَ رَسُول الله ﷺ: "احتجبا مِنْهُ"، فَقلت: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ هُوَ أعمى لَا يُبصرنَا، وَلَا يعرفنا، فَقَالَ رَسُول الله ﷺ: "أفعمياوان أَنْتُمَا ألستما تبصرانه؟ " قَالَ الإِمَام التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قلت: إِسْنَاده حسن، ونبهان هُوَ المَخْزُومِي مولى أم سَلمَة، قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح بعد أَن ذكر هَذَا الحَدِيث: أخرجه أَصْحَاب السّنَن من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن نَبهَان مولى أم سَلمَة عَنْهَا، وَإِسْنَاده قوي، وَأكْثر مَا علل بِهِ انْفِرَاد الزُّهْرِيّ بالرواية عَن نَبهَان، وَلَيْسَت بعلة قادحة، فَإِن من يعرفهُ الزُّهْرِيّ، ويصفه بِأَنَّهُ مكَاتب أم سَلمَة وَلم يجرحه أحد، لَا ترد رِوَايَته١، وَنَقله الْعَلامَة المباركفوري فِي تحفة الأحوذي٢ وأيده، وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن الْكُبْرَى٣.
قَالَ الْحَافِظ فِي التَّهْذِيب: نَبهَان المَخْزُومِي، أَبُو يحي الْمدنِي، مولى أم سَلمَة، ومكاتبها روى عَنْهَا، وَعنهُ الزُّهْرِيّ، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن مولى آل طَلْحَة، ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَقَالَ الإِمَام الْمزي فِي تَهْذِيب الْكَمَال ٧٠٣-٨: نَبهَان الْقرشِي المَخْزُومِي، أَبُو يحي الْمدنِي مولى أم سَلمَة زوج النَّبِي ﷺ ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات، ثمَّ سَاق إِسْنَاده الطَّوِيل إِلَى أم سَلمَة، ثمَّ ذكر هَذَا الحَدِيث، وحديثا آخر وَهُوَ أَيْضا من حَدِيث أم سَلمَة، قَالَت: قَالَ رَسُول الله ﷺ: "إِذا كَانَ لأحدكم مكَاتب، وَكَانَ عِنْده مَا يُؤَدِّي عَنهُ فلتحتجب عَنهُ" أَخْرجُوهُ من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح، وَأخرجه النَّسَائِيّ من وُجُوه أُخْرَى انْتهى كَلَام الإِمَام الْمزي.
قلت: يرى الإِمَام الْمزي رَحمَه الله تَعَالَى كَمَا علمت من
_________
١ الْفَتْح ٣٣٧/٩.
٢ تحفة الأحوذي ١٥/٤ ز
٣ السّنَن الْكُبْرَى للبيهقي ٩١-٩٢/٧.
1 / 138