إتحاف الأحباب بما ثبت في مسألة الحجاب
الناشر
الجامعة الإسلامية
رقم الإصدار
السنة التاسعة-العدد الأول
سنة النشر
جمادى الثانية ١٣٩٦هـ/ يونيو ١٩٧٦م
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
التَّابِعين الْكِبَار، ومخضرم ثِقَة، ثَبت، قَالَ الْحَافِظ فِي التَّهْذِيب: كَانَ شُرَيْح القَاضِي إِذا أشكل عَلَيْهِ شَيْء من أَمر دينه سَأَلَهُ، وَرجع إِلَيْهِ، قَالَ الإِمَام الذَّهَبِيّ: عُبَيْدَة بن عَمْرو السَّلمَانِي الْمرَادِي، الْكُوفِي، الْفَقِيه الْعلم، كَاد أَن يكون صحابيا، أسلم زمن الْفَتْح بِالْيمن، وَأخذ الْعلم عَن عَليّ، وَابْن مَسْعُود، قَالَ الشّعبِيّ: كَانَ يوازي شريحا فِي الْقَضَاء، وَقَالَ الْعجلِيّ: عُبَيْدَة أحد أَصْحَاب عبد الله بن مَسْعُود الَّذين يقرءُون، ويفتون النَّاس، وَقَالَ ابْن سِيرِين: مَا رَأَيْت رجلا أَشد توقيا من عُبَيْدَة، وَكَانَ مكثرا عَنهُ١، ومجد شَأْنه الْحَافِظ الْمزي فِي تَهْذِيب الْكَمَال، وَرفع مَنْزِلَته فَليرْجع إِلَيْهِ من شَاءَ، فَهُوَ إِمَام كَبِير، يَأْتِي تَفْسِيره هَذَا مُوَافقا لكتاب الله تَعَالَى، وَسنة رَسُوله ﷺ، وَقَالَ الإِمَام عَليّ بن حزم الأندلسي: الجلباب فِي لُغَة الْعَرَب الَّتِي خاطبنا بهَا رَسُول الله ﷺ هُوَ مَا غطى جَمِيع الْجِسْم لَا بعضه٢، وَصَححهُ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره، فالعاقل اللبيب يفهم أثْنَاء نظرته فِي هَاتين الْآيَتَيْنِ الكريمتين مَا أَمر الله تَعَالَى بِهِ الْمُؤمنِينَ، وَالْمُؤْمِنَات من السّتْر والغطاء، وخاصة أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ لشدَّة حرمتهن، وشرفهن وعظمتهن، لكونهن زَوْجَات النَّبِي ﷺ.
وَقَالَ جلّ وَعلا: ﴿وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ نهاهن جلّ وَعلا بِضَرْب الأرجل على الأَرْض بالشدة، لِئَلَّا يسمع صَوت الخلاخيل الَّتِي فِي أرجلهن خوفًا على شرفهن، وسدا للذرائع، ومنعا لوُقُوع الْفَاحِشَة، فَهَذَا غَايَة فِي الصون وَالْحِفْظ، فَإِذا كَانَ صَوت الخلاخيل مَمْنُوعًا بِهَذَا النَّص الْكَرِيم فَكيف يجوز للْمُسلمِ أَن يَقُول أَن الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ ليستا من الْعَوْرَة جَازَ كشفهما أَمَام الْأَجَانِب اعْتِمَادًا على تِلْكَ الرِّوَايَات الضعيفة الْمُنكرَة وَالَّتِي لم تصح أسانيدها.
أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحهمَا وَالْإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده، وَابْن جرير الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره، وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى، وَالْإِمَام الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن الْكُبْرَى عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت عَائِشَة خرجت سَوْدَة بنت زَمعَة بَعْدَمَا ضرب الْحجاب لحاجتها، وَكَانَت امْرَأَة جسيمة لَا تخفى على من يعرفهَا، فرآها عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَالَ: يَا سَوْدَة أما وَالله مَا تخفين علينا، فانظري كَيفَ
_________
١ تذكرة الْحفاظ ٥٠/١.
٢ الْمحلى ص ٢١٧/٣.
1 / 134