إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس
محقق
الدكتور علي عمر، بقسم التاريخ والحضارة الإسلامية
الناشر
مكتبة الثقافة الدينية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
مكان النشر
القاهرة - جمهورية مصر العربية
تصانيف
في النقل واحتاط، وذلك شأن الفضلاء أهل الصدق والأمانة في هذا البساط، لاسيما وهو إنما كتب ما حنشه ابن خلدون بقوله: ولقي أبا حامد فيما زعموا ... إلخ، وأما الانتقاد على الجازم بالمتوقف كما فعل السائل فهو محض غلط إذ المهيع المعروف والمنهج المتبع المألوف، هو أن من حفظ حجة على من لم يحفظ لا العكس.
والذي جزمنا به هو الذي جزم به الحفاظ قبلنا وقبل صاحب الاستقصاء بأزمنة طوال، ودُهُورٍ خَوالٍ، ففي الصحيفة الثالثة والثلاثين والمائة من الجزء الأخير من النسخة المطبوعة من "معيار" الحافظ أبي العباس الونشريسي عن ابن القطان في كتابه "نظم الجمان". فيما سلف من أخبار الزمان. عن عبد الله بن عبد الرحمن العراقي شيخ مسن من سكان فاس، قال: كنت ببغداد بمدرسة أبي حامد الغزالي فجاء رجل كث اللحية على رأسه كرزى صوف فدخل المدرسة وحياها بركعتين ثم أقبل على الشيخ أبي حامد فسلم عليه فقال: ممن الرجل؟ فقال: من أهل المغرب الأقصى، قال: دخلت قرطبة، قال: نعم، قال: فما فعل فقهاؤها؟ قال: بخير، قال: هل بلغهم الإحياء؟ قال: نعم، قال: فماذا فعلوا فيه؟ فلزم الرجل الصمت حياء منه، فعزم عليه ليقولن ما طرأ فأخبره بإحراقه وبالقصة كما جرت.
قال: فتغير وجه الشيخ أبي حامد ومد يده إلى الدعاء والطلبة يؤمنون، فقال: اللهم مزق ملكهم كما مزقوه، وأذهب دولتهم كما حرقوه، فقام محمد بن تومرت السوسي الملقب بعد بالمهدي عند قيامه على المرابطين فقال له: أيها الإمام ادع الله أن يجعل ذلك على يدي فتغافل عنه أبو حامد فلما كان بعد جمعة إذا شيخ آخر مثل شكل الأول فسأله أبو حامد فأخبره بمثل الخبر المتقدم فتغير وجهه ودعا بمثل دعائه الأول فقال المهدي على يدي فقال: اخرج يا شيطان سيجعل الله ذلك على يدك فقبل دعاءه وخرج ابن تومرت من هناك إلى المغرب برسم تحريك. الفتن، وقد علم أن دعوة ذلك الشيخ لا ترد فكان من أمره ما كان، انتهى.
1 / 118