الاستقامة الجزء الثاني المصحح

أبو سعيد الكدمي ت. 361 هجري
85

الاستقامة الجزء الثاني المصحح

تصانيف

أهل جملة الاستقامة ، ومن خالف ذلك ولو بحرف واحد فلن يخطىء إلا حظه ، ولن يضر إلا نفسه ، وأنزله الحق حيث نزل ، وحكم عليه بما قال وفعل ، كذلك دين المسلمين وهو دين المحقين المهتدين ، ودين محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين ، ولا يلتفت إلى من كان له في الإسلام سابق اسم ، ولا ما مضى حكم ، إذا بذل وغير، ونكث وتحير.

كذلك قول الله - تبارك وتعالى - : (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما )(1) .

وليس الناكث من الآخرين بأعجب من الناكث من الأولين ، ولا الضال من الآخرين بأعجب من الناكث من الأولين ، ولا الضال من الآخرين بأوجب حقا من الضال من المتقدمين ، ولا يجوز إلا اتباع الحق في كل عصر وزمان هو فيه ، ولا يلتفت إلى كثرة علم الضلال ، ولا إلى هذيان الجهال ، وإنما يتبع الكتاب والسنة ، والأثر المحكم من ذلك غير المتشابه .

قال الناظر : لعله أراد ، ولا يلتفت إلى كثرة علم أهل الضلال ، إذا لم يكن موافقا للكتاب المحكم والسنن المحكمة ، والأثر المحكم من ذلك غير المتشابه ، والناسخ من ذلك غير المنسوخ ، والخاص من ذلك في موضعه ، والعام من ذلك في موضعه ، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

فإن قال أحد من الملبسة المتكلفين ، أو أحد منهم ممن يقوم بحجتهم من العماة المتعسفين ، فإنا لا نعلم أن أحدا أمر بالخروج في طلب تعليم علم ما يسع جهله ، ولا مما لا يسع جهله ، لأن ما لا يسع جهله لا يعدم المعبرين له ذلك في موضعه ، وما يسعه جهله فليس عليه فيه خروج ولا طلب .

-92-

__________

(1) - الآية ( 10 ) سورة الفتح .

صفحة ٩٢