الاستقامة الجزء الثاني المصحح

أبو سعيد الكدمي ت. 361 هجري
150

الاستقامة الجزء الثاني المصحح

تصانيف

-158- حتى يعلم منه أحد ما يلزمه الحكم به ، فاذا ألزمه ذلك ألزم ما لزمه ، فاذا صح مع العبد من غيره أنه قد لزمه حق لا مخرج له منه ، وصار في حد من ينكر عليه تركه ، كان عليه أن يأمره بذلك ابتغاء السلامة عند الله من تضييعه الأمر بالمعررف والنهي عن المنكر ، ولا يلزم أحدا ما لا يعلم -يلزمه أو لا يلزمه - فيعترضه باللازم ، هذا من الضلال البين .

ولو اعترض أحد من الناس رجلا ، لا يعلم أنه يجب عليه الحج أو لا يجب عليه ، فقال له : حج إلى بيت الله الحرام ، أو اخرج حج الى بيت الله الحرام ، كان قد أمره بما لا يعلم أنه لازم له ، وقد دخل في محجور عليه ، لأن هذا من حكم الخاص لهذا بعينه ، إذا أمره بعينه بالخروج إلى الحج أو بالحج .

ولو قال له : ان الحج فريضة ، أو قال له : إن على الناس حج البيت ، ولم يعلمه البيان في ذلك ، كان قد أخبره بجملة الفرض ، ولم يكن قد أمره هو نفسه أن يحج أو يخرج إلى الحج ، وهو لا يعلم أنه يلزمه أولا يلزمه وإنما ذلك يخصه ، فان خرج الآخر لقول هذا ان الحج فريضة أو على الناس الحج فريضة ، كان ذلك من تاويل الحج لا من تاويل القائل له ، ولم يكن هذا قد خص الذي يقول له بذلك ، وإنما أعلمه باصل من الحق ومن الفرائض الواقعة على العامة والخاصة ، إذا خصه بذلك ، وقوله له : أخرج إلى الحج أو حج إلى بيت الله الحرام قاصدا بذلك أمرا له بنفسه وإلزاما له ذلك .

كذلك قوله لهذا الذي لا يعلم ، لزمه الخروج أو لم يلزمه ، أخرج سل عن كذا وكذا خاصا بأمره لهذا المامور ، وقد أمره بما لا يلزمه ، وأوجب عليه ما لايلزمه .

فان قال له : على العبد أن يخرج في طلب دينه ، أو على العبد أن يسأل عن دينه ، كان هذا قد أخبره بباب من الحق مجمل ، فان خرج ذلك الخارج على تاويل هذا القول من نفسه خرج ، وبتاويله ألزم نفسه ذلك ، وقد

صفحة ١٥٩