الاستقامة الجزء الثاني المصحح

أبو سعيد الكدمي ت. 361 هجري
148

الاستقامة الجزء الثاني المصحح

تصانيف

-156- مسرة من علم كفر الكافر ، ولا يجوز ذلك في دين الله ، والله قد فرض بغض ذلك وأبغضه ، وإنما وجب بغض فاعله لبغضه على الله ، وفي دين الله ، فافهموا ذلك .

فان كان على غير تجسس وكان على غير الزام ما لا يلزم فهو مباح في السؤال عنه غير لازم ، فاذا بلغ إلى ذلك لغير قصد منه إلى التجسس جازله ذلك ولزمه البراءة ، وليس عليه أن يطلب لنفسه ما تقوم عليه به الحجة ، وقد مضى من ذلك ما فيه كفاية .

وان كان لم يعلم الحدث ، وإنما يقصد بذلك إلى البحث عن علم الحدث ، فهذا هو التجسس بعينه ، وهو محجور إلا أن يقصد إلى علم ما يلزمه في هذه الأحداث إذا جهل بذلك ، أيلزمه فيها شيء أم لا ؟ فقصد الى علم ما يلزمه من ذلك ، فهذا قاصد إلى غير التجسس ، ولا يقصد إلى بحث الحدث وإنما يقصد إلى السؤال عما يلزمه في ذلك الحدث ، إن اشتبه عليه أمره ، فاذا بلغ إلى ذلك على اعتقاد براءته من القصد إلى التجسس ، ومن إلزام نفسه ما لا يلزمه ، فقد صار إلى علم ما يجب عليه إذا وجب عليه ، ووجب الحق وزال الريب ، ووجبت الحجة وزال مع ذلك حكم التجسس بقصده ، إلى ما يلزمه من ذلك الذي اشتبه عليه ، إلى معرفة ضلال أهل الحدث ليجتنبه ، وصواب المصيب ليأتيه ، ولا يقصد على كل حال إلى علم كفره ليبرأ منه ، فان ذلك هو المحجور .

وكذلك لو قصد إلى علم بعينه ، والبحث عنه لغير اعتقاد براءة ، كان قد أتى محجورا ، ولا يجوز ذلك على حال ، ومع ذلك إذا كان الأمر إنما يأمر به على الوسيلة فالأعمال لا تلزم على الوسيلة إلا أن يبين ذلك ، وينبغي أن يعلم من يأمر بالخروج أن ذلك ليس عليه ، وإنما هو وسيلة .

فإن أردت أن تخرج في طلب الوسيلة ، فذلك إليك ، والا فلا يلزمك ذلك ، ولا يجوز أن يؤمر أن يخرج في الأسفار يتخطى الفيافي والقفار ، ويتحمل المشاق والمضار ، ويقاسي

صفحة ١٥٧