-113- ما الحجة لهم في ذلك ، وما يلزمهم لهم وفيهم ، وهو أن يقبل منهم الحق الذي قالوه ، وأقل ذلك أن لا يبرأ منهم عليه برأي ولا دين ، ولا يوقف عنهم عليه برأي ولا دين .
...وقيل في براءتهم من المبطل بالحق الذي قد عرف منه من المبطل ، وجهل الجاهل حكم الحدث الذي علمه من المبطل ، وقصر نظره عن علمه ، وضاق عن قبول قول العالم في ذلك ، فاقل ذلك ألا يبرأ من العالم في ذلك برأي ولابدين ، ولايوقف عنه برأي ولا بدين .
وأما سائر الأحكام كلها في الولاية والبراءة ، في جميع فنون أحكامها ، فهم كغيرهم من الناس ، وفي جميع الأحكام ، وجميع حقوق الاسلام ، في موضع ما يكونون مدعين فهم مدعون ، وفي موضع ما يكونون قاذفين ، فهم قاذفون كغيرهم ، وفي موضع ما يكونون حكاما ، فهم حكام كغيرهم ، وفي موضع ما يكونون خصما فهم خصم كغيرهم ، وفي موضع ما يكونون شهودا فهم شهود كغيرهم ، فلا فرق بين الناس في ذلك ، لاختلاف منازلهم في العلم ، ولا نعلم في ذلك اختلافا بين المسلمين أهل العلم منهم .
وسواء عصى الله العالم بما يكون فيه مفتيا ، أو عصاه بما يكون فيه مدعيا ، أو عصاه بما يكون فيه متعبدا ، أو بما يكون فيه قاذفا ، فإذا بلغ إلى حال ما يكون فيه عاصيا لله ، وخالف الحق من طريق القول ، بما يزعم أنه حق وبما يزعم أنه دين ، وبما يرى الجاهل أنه فيه عالم ، وبما يجهل الجاهل منزلة العالم في ذلك من غير العالم ، وبما يجهل الجاهل منزلة العالم في ذلك من غير العالم ، وهذا موضع عظيم من عظيمات المهالك ، وهو أضيق ما يكون من المسالك ، سلمنا الله وجميع المسلمين من ذلك ، ومن جميع الفتن والمهالك .
فصل : وجاء الأثر مجملا أنه لا يجوز الوقوف عن العلماء برأي ولا بدين ، وإنما هو خاص فيما وصفنا مما يكون فيه حجة ، وفيما يكون فيه
صفحة ١١٤