المنابع التي أستقى منها عبد القاهر فكرة المنظم
عندما تحدى القرآن الكريم العرب أن يأتوا ولو بمثل أقصر سورة منه، وعجزوا عن ذلك ضاع صوابهم، وضربوا أخماسًا في أسداسًا من حيراتهم، لأنهم لم يستطيعوا مجاراة القرآن الكريم في بلاغته، وهم أرباب الفصاحة وفرسان البلاغة، وسادة الكلام! ووصفوا القرآن تارة بأنه شعر، وتارة أخرى بأنه سحر.
أما أنه شعر: فلأنهم رأوه منظومًا، ولكنه نظم خاص، فلا هو بالشعر، وفيهم الشعراء المغلقون، ولا هو بالنثر وفيهم الخطباء المفوهون! .
وأما أنه سحر: فلأنهم وجدوا له وقعًا في قلوبهم لم يستطيعوا مغالبته، وتأثيرًا في نفوسهم لم يقدروا على التخلص منه.
على أنه أحد خصوم الرسول الألداء - ويقال أنه الوليد بن المغيرة المخزومي - قد استمع إلى النبي ﷺ -وهو يتلو بعض أي القرآن الكريم: فقال: " والله لقد سمعت من محمد كلامًا ما هو من كلام الأنس، ولا هو من كلام الجن " وأن له لحلاوة وأن عليه لطلاوة" (١)
_________
(١) تفسير الزمخشري في سورة المدثر.
1 / 16