من قضايا التربية الدينية في المجتمع الإسلامي
الناشر
دار المعرفة الجامعية
رقم الإصدار
الأولى ١٤١٩هـ/ ١٩٩٨م
تصانيف
وكان -صلوات الله وسلامه عليه- فصيح اللسان، جزل العبارة مع فخامة المعنى ووضوح الغاية، ولا عجب، فقد أعطي جوامع الكلم، ثم هو لا ينطق عن هوًى أو غرضٍ في نفسه، ولكنه يقول ما أمر به أن يبلغه للناس كاملًا موفورًا من غير زيادة أو نقصان، كما كان ﷺ في كل ما صدر عنه من حركاتٍ أو سكناتٍ أو تقريراتٍ ترجمةً للأخلاق الفاضلة التي دعا إليها القرآن١.
ولقد حذَّر الرسول -صلى الله عليه سلم- من أن يقول الناس بعده: نأخذ ما جاء في القرآن نعمل به؛ فما وجدناه حلالًا حللناه، وما وجدناه حرامًا حرمناه، ثم يَدَعُونَ سنته ﷺ، بل إن ما جاء به ﷺ هو عين ما في كتاب الله ﷿، لذا نجد في الحديث المروي عن المقدام بن معد يكرب، عن رسول الله ﷺ أنه قال: "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني قد أوتيت القرآن ومثله، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي نابٍ من السباع، ولا لقطة من مال معاهد، إلّا أن يستغني عنها صاحبها".
وفي وراية أخرى عن المقدام بن معد يكرب الكندي يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه سلم- حرم أشياء، فذكر الحمر الإنسية، ثم قال: "يوشك رجل متكئ على أريكته يحدِّثُ بالحديث من حديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدناه حلالًا أحللناه، وما وجدنا
_________
١ ابن كثير الدمشقي، تفسير سورة ن، ج٤، ص٤٠٢.
1 / 50