البركة في الأقوال
هناك أقوال فيها بركة، ومن هذه الأقوال: تلاوة القرآن، فإن الله جل في علاه قد وصف كتابه بأنه كتاب مبارك، والبركة في القرآن هي بتلاوته وتدبره وبتطبيق حدوده وأحكامه، فقال الله تعالى مبينًا لنا كيف تكون البركة في هذا الكتاب كما في سورة المزمل: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل:٢٠] ولذلك ترجم النبي ﷺ هذه البركة فقال: (اقرءوا القرآن فإن لكم بكل حرف حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، لا أقول: (آلم) حرف، ولكن (ألف) حرف و(لام) حرف و(ميم) حرف) فبهذه الآيات المباركات تتحصل البركات بمضاعفة الحسنات، والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، فهذه من بركة هذا الكتاب.
وقد رد في الأثر: (أنه لا يعبد الله بخير مما خرج منه) وهو القرآن، ويقول عثمان بن عفان كما في (الشُّعَب) بسند صحيح: لو طهرت قلوبنا لما شبعنا من كتاب الله.
فالبركة الحسية: هي مضاعفة الحسنات، وأما البركة المعنوية: فهي حلاوة الإيمان، والتلذذ بكلام الله جل في علاه، فترى الشخص يهجر كل كلام، ولا يريد أن يتكلم بشيء إلا بكتاب الله، فهو مع كتاب الله نائمًا ومستيقظًا، جالسًا وقاعدًا، قائمًا وماشيًا، ويدور في خلده وعلى لسانه كلام الله جل في علاه، فهذه هي البركة التي تشع نورًا في قلب العبد، فيحلو بها الإيمان، ويتلذذ المرء بتلاوة كلام الله جل في علاه، ولقد قال النبي ﷺ ناصحًا للرجل الكبير الشيخ الهرم: (لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله جل في علاه) وأدنى من ذلك منزلة ذكر الله، فالذكر أيضًا يأتي للمرء بالبركات، فإن المرء إذا قال: لا إله إلا الله مائة مرة صباحًا ومائة مرة مساءً فإن البركة تأتيه من كل حدب وصوب، وهذه بركة معنوية.
وأما الحسية: فإن الله جل في علاه يحفظه من الشيطان، والله جل في علاه يكتب له أجر عتق عشر رقاب، وأيضًا يكتب الله له حرزًا وحفظًا وحصنًا من الشيطان الرجيم، فلا يستطيع إليه سبيلًا.
وأيضًا الصلاة على النبي ﷺ تأتي بالبركة حسيًا ومعنويًا، فكثرة الصلاة على النبي ﷺ تزيد البركة، بل من بركة الصلاة على النبي ﷺ أن الله يكفيك همك، ويغفر ذنب، فمن بركة الصلاة على النبي ﷺ أن الله يكفيك الهم والحزن، ويبارك لك في رزقك.
وأيضًا كثرة الاستغفار تأتي بالبركة في الدنيا والآخرة معنويًا وحسيًا، يقول النبي ﷺ: (من أراد أن تسره صحيفته يوم القيامة فليكثر من الاستغفار) يعني: يرى في صحيفته يوم القيامة كثرة الاستغفار، فبالاستغفار تتنزل الرحمات، وينزل الغيث من السماء، ويكون الولد، وتكثر الأموال.
فإذا استيقن المرء وعلم أن البركة بيد الله، وطلبها من الله مع الأخذ بالسبب الصحيح الشرعي من تلاوة قرآن وكثرة ذكر الله جل في علاه، فإن البركة ستحل به من كل جانب.
14 / 8