قال: ثم إن محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أثنى على ربه فقال: كلكم أثنى على ربه، وإني مثن على ربي، الحمد لله لذي أرسلني رحمة للعالمين، وكافة بشيرا ونذيرا، وأنزل علي الفرقان فيه بيان لكل شيء، وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس، وجعل أمتي أمة وسطا، وجعل أمتي هم الأولين، وهم الاخرين، وشرح لي صدري، ووضع عني وزري، ورفع لي ذكري، وجعلني فاتحا وخاتما. قال أبو جعفر الرازي: خاتم للنبوة، فاتح للشفاعة يوم القيامة.
ثم أتى بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها، فأتى بإناء منها فيه ماء، فقيل اشرب منه، فشرب منه يسيرا، ثم دفع اليه إناء آخر فيه لبن فقيل له: اشرب منه، فشرب حتى روى، ثم دفع اليه آخر منه خمر، فقيل له اشرب، فقال: لا أريده قد رويت، فقال له جبريل: أما إنها ستحرم على أمتك، ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إلا قليل.
ثم صعد به الى السماء الدنيا فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل ومن معك؟ قال: محمد، قالوا: وقد أرسل اليه؟ قال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ وخليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء، فدخل فإذا هو برجل تام الخلقة لم ينقص من خلقه شيء كما تنقص من خلق الناس، على يمينه باب يخرج منه ريح طيبة، وعلى شماله باب يخرج منه ريح خبيثة، إذا نظر الى الذي عن يمينه ضحك واستبشر، وإذا نظر الى الباب الي عن يساره بكى وحزن، فقال: من هذا الشيخ؟ وما هذان البابان؟ قال: هذا أبوك آدم، وهذا الباب الذي عن يمينه باب الجنة إذا نظر الى من يدخله من ذريته ضحك واستبشر، وهذا الباب الذي عن شماله باب جهنم إذا نظر الى من يدخله من ذريته بكى وحزن.
صفحة ٢٥