53
المصرية، وهي بعنوان «الخل الوفي والغدر الخفي» أو «لورانزينو»، تعريب محمد المغربي، ولعل مراسل «المقطم» - في الإشارة الثانية - توهم أن إسماعيل عاصم مؤلف «الخل الوفي»؛ لأنه حضر تمثيلها وشارك في حفلتها الخيرية، ومن هنا اعتقد الصحفي أن إسماعيل عاصم مؤلفها؛ لأن عاصم، كان دائما ما يحضر تمثيل مسرحياته. هذا بالنسبة للإشارة الثانية.
أما الإشارة الأولى ففيها خلط أثبته التاريخ. فالمقصود كان مسرحية «صدق الإخاء» لا «الخل الوفي». فالجريدة التي قالت بأن «الخل الوفي» من تأليف إسماعيل عاصم، كانت جريدة «الأخبار» في يوم 28 / 10 / 1897، ولكن جريدتي «مصر» و«المقطم» قالتا بأن المسرحية التي ستمثل في نفس اليوم من قبل نفس الفرقة - فرقة إسكندر فرح - هي مسرحية «صدق الإخاء».
54
بل وعادت جريدة «الأخبار»، التي أخطأت في اسم المسرحية، فأثبتت في اليوم التالي يوم 29 / 10 / 1897 أن المسرحية الممثلة بالأمس هي «صدق الإخاء» لا «الخل الوفي»، قائلة: «مثل ليلة أمس جوق إسكندر أفندي فرح رواية «صدق الإخاء»، وهي رواية عنوانها دليل على فحواها، ولا نفيض بالكلام عليها من حيث التأليف، بل نقتصر على كيفية التمثيل البديع الذي قام به الجوق. فمن نظر إلى الممثلين في تمثيلهم السكارى حسبهم ثملين في حانة، ومن رأى نديم وأخته وأمه في حالتي فقرهم وغناهم لم يكد يصدق بأنهم يمثلون غيرهم، أما العجوز فكل ما نقوله عنها إنها أعربت بما يطابق قول نديم اللطيف «أعجب بصبي يتشيخ»، فالقلم في موقف التنشيط والارتياح يقول لممثلي هذا الجوق مع كل من يحضر تمثيلهم «برافو» لا فض فوكم؛ فقد أحييتم هذا الفن في العربية برافو برافو. وفي بدء الفصل الرابع ألقى حضرة الفاضل عبد الفتاح أفندي بيهم خطابا وجيز العبارة عن الأدب، كله غرر وخطب مؤلف الرواية سعادتلو إسماعيل بك عاصم خطابا ينظم في سلك خطاباته المعتادة، وكلا الخطيبين الكريمين شاركوا الحاضرين بل نطقوا بألسنتهم مثنين على الممثلين.»
55
أما بالنسبة للكتاب المحدثين، فكان د. محمد فاضل أول من تحدث منهم عن إسماعيل عاصم، في كتابه عن الشيخ سلامة حجازي عام 1932. فعندما تحدث الكاتب عن أحداث ما بين عامي 1906-1908 بالنسبة لسلامة حجازي، قال: «واتفق أن تعرف ممثلنا بالمرحوم إسماعيل بك عاصم وشكا إليه خلو المسرح العربي من الرواية المصرية، ونعى على الأدباء عدم إقبالهم على تأليف هذا النوع المصري، الذي يجب أن يقدم على منصة مسارحنا عن غيره من أنواع المسرحيات؛ إذ إن الشيخ في الواقع كان يجول بذهنه هذا الخاطر من يوم أن اعتلى خشبة المسرح، وكان يتمنى دائما أن يبث الدروس الاجتماعية، والمبادئ الأخلاقية، والعظات الوطنية في ثوبها المصري وردائها القومي؛ ولذلك فاتح المرحوم عاصم بك بهذه الرغبة التي عمل على تلبيتها، فأنشأ يؤلف له هذه الروايات المصرية، وقدم له منها ثلاث روايات: هي «صدق الإخاء»، «حسن العواقب»، «هناء المحبين».»
56
والملاحظ أن هذا القول - وبالأخص فيما يتعلق بزمن وسبب إقدام إسماعيل عاصم على التأليف المسرحي - لا أساس له من الصحة، ولعدم التكرار، نكتفي بأن نقول: إن كل ما ذكرناه سابقا كفيل بإثبات بطلان هذا القول؛ لأن الناقد يتحدث عن فترة تبدأ من عام 1906، وعاصم ألف جميع مسرحياته قبل هذا العام بكثير.
والكاتب الثاني من المحدثين، كان محمود تيمور المولود في عام 1894، عندما كتب عنه في منتصف هذا القرن، قائلا: «لا أستطيع أن أنسى الليلة الأولى التي دخلت فيها المسرح، وشهدت على المنصة أول رواية تمثيلية. كنت يومئذ في السابعة من عمري، [أي عام 1901]، وكان المسرح تياترو إسكندر فرح ... أما الرواية التمثيلية الأولى التي شهدتها على ذلك المسرح القاهري، فهي رواية «توسكا»، قام بتمثيلها نفر من الهواة، بطلهم الأول إسماعيل عاصم بك، وهو الذي ترجمها إلى العربية.»
صفحة غير معروفة