ـ[فتاوى الشبكة الإسلامية]ـ
المؤلف: لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية
تم نسخه من الإنترنت: في ١ ذو الحجة ١٤٣٠، هـ = ١٨ نوفمبر، ٢٠٠٩ م
تنبيه: هذا الملف هو أرشيف لجميع الفتاوى العربية بالموقع حتى تاريخ نسخه (وعددها ٩٠٧٥١)
_________
http://www.islamweb.net
آلية الإفتاء وفريق الفتوى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الفتوى في هذا الموقع (*) تخضع لآلية منضبطة في إعدادها ومراجعتها، وفي إجازتها ونشرها، فهي تبدأ بتحرير الفتوى من أحد الشيوخ في اللجنة، أو من تستعين بهم من خارجها، ممن ترتضي منهجه وتثق في علمه - كل حسب اختصاصه والمجال المعني به - ثم تحال إلى رئيس اللجنة لمراجعتها، وفي حال تطابقت وجهتا النظر في الفتوى فإنها تأخذ طريقها إلى الطباعة، ثم تحال بعد ذلك إلى المدقق الذي يقوم بمراجعتها ثانية..ثم تحال إلى الآذن بالنشر الذي يتولى المراجعة النهائية، في جانبيها؛ الشرعي والأسلوبي، ومن ثم تأخذ طريقها للنشر على الموقع. وفي حال الاختلاف في مسألة معينة من المسائل الاجتهادية التي قد تختلف فيها أنظار أهل العلم، فإن اللجنة تجتمع وتناقش هذه المسألة من جوانبها حتى يتم الوصول إلى ما يترجح، بعد مناقشة الأدلة وأقوال أهل العلم فيها. ولجنة الفتوى ذات شخصية مستقلة، وهي مؤلفة من كوكبة من طلاب العلم من حملة الشهادات الشرعية، ممن تمرس في الفتيا والبحث العلمي. ويشرف على اللجنة ويرأسها اثنان من حملة الدكتوراه في الفقه وعلوم الشريعة. وهذه اللجنة بكامل أعضائها تتبنى وتعتمد منهج أهل السنة والجماعة في النظر والاستدلال، وفي التعامل مع المخالف، من غير تعصب لمذهب أو بلد أو طائفة. فهي فتاوى محكمة بحمد الله، وليست فتاوى شخصية. نسعى فيها إلى الوصول إلى الحق جهدنا، مراعين سلامة الاستدلال ومقاصد الشرع، وملابسات الواقع وتغير الحال، قدر الإمكان، ولا نزكي على الله أحدًا، والله نسأل أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يحب ويرضى، وأن يعيننا على أمور ديننا ودنيانا، وأن يعفو عنا ويصفح عن زللنا. والله تعالى أعلم. _________ (*) وهو موقع الشبكة الإسلامية http://www.islamweb.net
منزلة الفتوى وخطرها الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن الفتوى من الأمور الجليلة الخطيرة، التي لها منزلة عظيمة في الدين، قال تعالى: (ويستفتونك فى النساء قل الله يفتيكم فيهن ...) [النساء: ١٢٧] . وقال تعالى: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ...) [النساء: ١٧٦]، وقد كان النبي ﷺ يتولى هذا الأمر في حياته، وكان ذلك من مقتضى رسالته، وكلفه ربه بذلك قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) [النحل:٤٤] . والمفتي خليفة النبي ﷺ في أداء وظيفة البيان - نسأل الله العون والصفح عن الزلل - والمفتي موقع عن الله تعالى، قال ابن المنكدر: "العالم موقع بين الله وبين خلقه فلينظر كيف يدخل بينهم". والمفتي إنما هو العالم بالمسألة التي يفتي فيها، تأسيسا لا تقليدا، مع ملكة في النظر، وقدرة على الترجيح والنظر المستقل في اجتهاد من سبقوه، لا مجرد نقل وحكاية الأقوال. فإن أقدم على الفتوى بمجرد الخرص وما يغلب على الظن فهو آثم، وعمله محرم، وقول على الله وعلى رسوله بغير علم، وهو يتحمل وزر من أفتاه. فعن مسلم بن يسار قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ: " من أُفتي بغير علم، كان إثمه على من أفتاه " رواه أبو داود. ولا يشفع له أن يكون أصاب الحق في فتوى بعينها، ذلك أن المفتي إنما يفتي بكلام الله تعالى، أو بسنة رسوله ﷺ، أو بالقياس عليهما، أو بالاستنباط منهما، وهذه لا يجوز فيها الخرص، وقد قال سبحانه: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون) فقسم الناس في هذا الباب إلى عالم وجاهل، ولم يجعل بينهما واسطة. فإن أخطأ بعد استفراغ الوسع، والنظر الصحيح، فخطؤه مغفور له - إن شاء الله - لكن لايتابع عليه، بل يجب تنبيهه، ويجب عليه الرجوع إلى الحق إذا تبين له. والفتوى قد تختلف من مفت إلى آخر، بحسب الحظ من العلم والبلوغ فيه، والسائل أو المستفتي عليه أن يسأل من يثق في علمه وورعه، وإن اختلف عليه جوابان فإنه ليس مخيرا بينهما، أيهما شاء يختار، بل عليه العمل بنوع من الترجيح، من حيث علمُ المفتي وورعُه وتقواه، قال الشاطبي ﵀: "لا يتخير، لأن في التخير إسقاط التكليف، ومتى خيرنا المقلدين في اتباع مذاهب العلماء لم يبق لهم مرجع إلا اتباع الشهوات والهوى في الاختيار، ولأن مبنى الشريعة على قول واحد، وهو حكم الله في ذلك الأمر، وذلك قياسًا على المفتي، فإنه لا يحل له أن يأخذ بأي رأيين مختلفين دون النظر في الترجيح إجماعًا، وذهب بعضهم إلى أن الترجيح يكون بالأشد احتياطًا" ولعل الصواب أن يكون مناط الترجيح تحقيق مقاصد الشرع، ومراعاة حال المكلفين. والاختلافات الفقهية منها ما هو سائغ ومنها ما هو غير سائغ، فما كان منها سائغًا فإنه يعذر الآخذ به، وإن كان مرجوحًا في نظر غيره. وما لم يكن سائغًا فإنه لا يسع أحدًا أن يعمل به. ولا تنبغي حكاية هذا الخلاف إلا في معرض الرد والإبطال له، وقد قيل: وليس كل خلاف قيل معتبرًا إلا خلاف له حظ من النظر وما لم يكن سائغًا فإنه لا يسع أحدًا أن يعمل به. وليعلم المستفتي أنه لا تخلصه فتوى المفتي عند الله، إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه، كما لا ينفعه قضاء القاضي بذلك، لحديث أم سلمة ﵂: أن رسول الله ﷺ قال: "إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها" رواه البخاري. فلا يظن المستفتي أن مجرد فتوى فقيه تبيح له ما سأل عنه، سواء تردد أو حاك في صدره، لعلمه بالحال في الباطن، أو لشكه فيه، أو لعلمه بجهل المفتي، أو بمحاباته له في فتواه، أو لأن المفتي معروف بالحيل والرخص المخالفة للسنة، أو غير ذلك من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه، وسكون النفس إليها، فليتق الله السائل، وليعرف خلاص نفسه، فإنه لا تزر وازرة وزر أخرى. وبعد: فإننا ننبه الإخوة السائلين إلى أن المعمول به في هذا الموقع - إن شاء الله - هو الإفتاء بمقتضى الكتاب والسنة والإجماع وقياس أهل العلم، وإن كان ثمة تعارض فإننا لا نتخير إلا الراجح في المسألة والأقوى دليلًا، ولسنا بالخيار نأخذ ما نشاء ونترك ما نشاء، وقد قال الإمام النووي ﵀: ليس للمفتي والعامل في مسألة فيها قولان أو أكثر أن يعمل بما شاء منها بغير نظر، بل عليه العمل بأرجحها. أهـ. وكذلك لا نتتبع رخص المذاهب وسقطات العلماء، حيث عد بعض أهل العلم - منهم أبو إسحاق المروزي وابن القيم - من يفعل ذلك فاسقًا، وقد خطأ العلماء من يسلك هذا الطريق، وهو تتبع الرخص والسقطات، لأن الراجح في نظر المفتي هو مظنه حكم الله تعالى عنده، ولولا ذلك لم يكن راجحا، فتركه والأخذ بغيره لمجرد اليسر والسهولة استهانة بالدين. هذا ما نتبناه منهجا، ونحاوله - جهدنا - عملا وممارسة. والله نسأل بمنه وكرمه أن يوفقنا لصواب القول والعمل. والله تعالى أعلم.
آلية الإفتاء وفريق الفتوى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الفتوى في هذا الموقع (*) تخضع لآلية منضبطة في إعدادها ومراجعتها، وفي إجازتها ونشرها، فهي تبدأ بتحرير الفتوى من أحد الشيوخ في اللجنة، أو من تستعين بهم من خارجها، ممن ترتضي منهجه وتثق في علمه - كل حسب اختصاصه والمجال المعني به - ثم تحال إلى رئيس اللجنة لمراجعتها، وفي حال تطابقت وجهتا النظر في الفتوى فإنها تأخذ طريقها إلى الطباعة، ثم تحال بعد ذلك إلى المدقق الذي يقوم بمراجعتها ثانية..ثم تحال إلى الآذن بالنشر الذي يتولى المراجعة النهائية، في جانبيها؛ الشرعي والأسلوبي، ومن ثم تأخذ طريقها للنشر على الموقع. وفي حال الاختلاف في مسألة معينة من المسائل الاجتهادية التي قد تختلف فيها أنظار أهل العلم، فإن اللجنة تجتمع وتناقش هذه المسألة من جوانبها حتى يتم الوصول إلى ما يترجح، بعد مناقشة الأدلة وأقوال أهل العلم فيها. ولجنة الفتوى ذات شخصية مستقلة، وهي مؤلفة من كوكبة من طلاب العلم من حملة الشهادات الشرعية، ممن تمرس في الفتيا والبحث العلمي. ويشرف على اللجنة ويرأسها اثنان من حملة الدكتوراه في الفقه وعلوم الشريعة. وهذه اللجنة بكامل أعضائها تتبنى وتعتمد منهج أهل السنة والجماعة في النظر والاستدلال، وفي التعامل مع المخالف، من غير تعصب لمذهب أو بلد أو طائفة. فهي فتاوى محكمة بحمد الله، وليست فتاوى شخصية. نسعى فيها إلى الوصول إلى الحق جهدنا، مراعين سلامة الاستدلال ومقاصد الشرع، وملابسات الواقع وتغير الحال، قدر الإمكان، ولا نزكي على الله أحدًا، والله نسأل أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يحب ويرضى، وأن يعيننا على أمور ديننا ودنيانا، وأن يعفو عنا ويصفح عن زللنا. والله تعالى أعلم. _________ (*) وهو موقع الشبكة الإسلامية http://www.islamweb.net
منزلة الفتوى وخطرها الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن الفتوى من الأمور الجليلة الخطيرة، التي لها منزلة عظيمة في الدين، قال تعالى: (ويستفتونك فى النساء قل الله يفتيكم فيهن ...) [النساء: ١٢٧] . وقال تعالى: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ...) [النساء: ١٧٦]، وقد كان النبي ﷺ يتولى هذا الأمر في حياته، وكان ذلك من مقتضى رسالته، وكلفه ربه بذلك قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) [النحل:٤٤] . والمفتي خليفة النبي ﷺ في أداء وظيفة البيان - نسأل الله العون والصفح عن الزلل - والمفتي موقع عن الله تعالى، قال ابن المنكدر: "العالم موقع بين الله وبين خلقه فلينظر كيف يدخل بينهم". والمفتي إنما هو العالم بالمسألة التي يفتي فيها، تأسيسا لا تقليدا، مع ملكة في النظر، وقدرة على الترجيح والنظر المستقل في اجتهاد من سبقوه، لا مجرد نقل وحكاية الأقوال. فإن أقدم على الفتوى بمجرد الخرص وما يغلب على الظن فهو آثم، وعمله محرم، وقول على الله وعلى رسوله بغير علم، وهو يتحمل وزر من أفتاه. فعن مسلم بن يسار قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ: " من أُفتي بغير علم، كان إثمه على من أفتاه " رواه أبو داود. ولا يشفع له أن يكون أصاب الحق في فتوى بعينها، ذلك أن المفتي إنما يفتي بكلام الله تعالى، أو بسنة رسوله ﷺ، أو بالقياس عليهما، أو بالاستنباط منهما، وهذه لا يجوز فيها الخرص، وقد قال سبحانه: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون) فقسم الناس في هذا الباب إلى عالم وجاهل، ولم يجعل بينهما واسطة. فإن أخطأ بعد استفراغ الوسع، والنظر الصحيح، فخطؤه مغفور له - إن شاء الله - لكن لايتابع عليه، بل يجب تنبيهه، ويجب عليه الرجوع إلى الحق إذا تبين له. والفتوى قد تختلف من مفت إلى آخر، بحسب الحظ من العلم والبلوغ فيه، والسائل أو المستفتي عليه أن يسأل من يثق في علمه وورعه، وإن اختلف عليه جوابان فإنه ليس مخيرا بينهما، أيهما شاء يختار، بل عليه العمل بنوع من الترجيح، من حيث علمُ المفتي وورعُه وتقواه، قال الشاطبي ﵀: "لا يتخير، لأن في التخير إسقاط التكليف، ومتى خيرنا المقلدين في اتباع مذاهب العلماء لم يبق لهم مرجع إلا اتباع الشهوات والهوى في الاختيار، ولأن مبنى الشريعة على قول واحد، وهو حكم الله في ذلك الأمر، وذلك قياسًا على المفتي، فإنه لا يحل له أن يأخذ بأي رأيين مختلفين دون النظر في الترجيح إجماعًا، وذهب بعضهم إلى أن الترجيح يكون بالأشد احتياطًا" ولعل الصواب أن يكون مناط الترجيح تحقيق مقاصد الشرع، ومراعاة حال المكلفين. والاختلافات الفقهية منها ما هو سائغ ومنها ما هو غير سائغ، فما كان منها سائغًا فإنه يعذر الآخذ به، وإن كان مرجوحًا في نظر غيره. وما لم يكن سائغًا فإنه لا يسع أحدًا أن يعمل به. ولا تنبغي حكاية هذا الخلاف إلا في معرض الرد والإبطال له، وقد قيل: وليس كل خلاف قيل معتبرًا إلا خلاف له حظ من النظر وما لم يكن سائغًا فإنه لا يسع أحدًا أن يعمل به. وليعلم المستفتي أنه لا تخلصه فتوى المفتي عند الله، إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه، كما لا ينفعه قضاء القاضي بذلك، لحديث أم سلمة ﵂: أن رسول الله ﷺ قال: "إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها" رواه البخاري. فلا يظن المستفتي أن مجرد فتوى فقيه تبيح له ما سأل عنه، سواء تردد أو حاك في صدره، لعلمه بالحال في الباطن، أو لشكه فيه، أو لعلمه بجهل المفتي، أو بمحاباته له في فتواه، أو لأن المفتي معروف بالحيل والرخص المخالفة للسنة، أو غير ذلك من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه، وسكون النفس إليها، فليتق الله السائل، وليعرف خلاص نفسه، فإنه لا تزر وازرة وزر أخرى. وبعد: فإننا ننبه الإخوة السائلين إلى أن المعمول به في هذا الموقع - إن شاء الله - هو الإفتاء بمقتضى الكتاب والسنة والإجماع وقياس أهل العلم، وإن كان ثمة تعارض فإننا لا نتخير إلا الراجح في المسألة والأقوى دليلًا، ولسنا بالخيار نأخذ ما نشاء ونترك ما نشاء، وقد قال الإمام النووي ﵀: ليس للمفتي والعامل في مسألة فيها قولان أو أكثر أن يعمل بما شاء منها بغير نظر، بل عليه العمل بأرجحها. أهـ. وكذلك لا نتتبع رخص المذاهب وسقطات العلماء، حيث عد بعض أهل العلم - منهم أبو إسحاق المروزي وابن القيم - من يفعل ذلك فاسقًا، وقد خطأ العلماء من يسلك هذا الطريق، وهو تتبع الرخص والسقطات، لأن الراجح في نظر المفتي هو مظنه حكم الله تعالى عنده، ولولا ذلك لم يكن راجحا، فتركه والأخذ بغيره لمجرد اليسر والسهولة استهانة بالدين. هذا ما نتبناه منهجا، ونحاوله - جهدنا - عملا وممارسة. والله نسأل بمنه وكرمه أن يوفقنا لصواب القول والعمل. والله تعالى أعلم.
صفحة غير معروفة
لماذا أنت مسلم وماذا قدم لك الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد دخلت في حوار مع شخص مسيحي فسألني لماذا أنت مسلم؟ وماذا أعطاك الإسلام؟ أرجو منكم الرد على هذا الكلام وأتمنى أن يكون الرد بالإنجليزية لأني أريد أن أعطيه جوابا يخرسه.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
كل شيء في هذا الكون يجعل المسلم يقتنع بهذا الدين العظيم؛ لأنه الدين الوحيد الذي يعطي الطمأنينة للقلب، والسعادة للنفس، ويقنع العقل بصحته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إيمان المسلم بدينه يجب أن يكون عن قناعة عقلية تامة لا يتطرق إليها شك؛ لأنه ليس عن تقليد أعمى كما في بعض الأديان التي تقول لأتباعها: اغمض عينيك واتبعني..؛ فقد أعطى الإسلام لأهله طمأنينة القلب، وسعادة النفس، وقناعة العقل بأنه دين الله الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه..
وقناعة المسلم بدينه نابعة من كونه: هو دين الله الذي توالت رسل الله جميعا للدعوة إليه من عهد أبي البشرية آدم ومرورا بأنبياء الله كلهم إلى أن انتهى الأمر إلى محمد ﷺ، بعد أن نضج العقل البشري بتوالي الرسل إليه وتراكمت عليه التجارب التاريخية..
ونابعة أيضا من: ملاءمة هذا الدين العظيم لفطرة الإنسان وتلبيته لحاجاته المادية والمعنوية وانسجامه مع عقله في عقائده وعباداته وأخلاقه ومعاملاته وأحكامه كلها.
ونابعة كذلك من: أن هذا الدين لم يأت إلا بما تشهد به العقول السليمة، أو بإمكانها أن تدركه.. ولا يأت بماهو مستحيل عقلا أبدا، بخلاف غيره من الأديان التي حشيت بالباطل وبالخرافات والأوهام والترهات.
ولذا فإن إيمان المسلم يزداد يوما بعد يوم؛ فكلما تقدم العلم وتجددت المعارف وظهرت الاكتشافات.. ازداد المسلم إيمانا بهذا الدين العظيم؛ فالاكتشافات العلمية كلها تأتي مؤيدة وملائمة لدين الإسلام مصداقا لقول الله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. ﴿فصلت٥٣﴾ .
وقوله تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ. ﴿النحل:٨٩﴾
فكل شيء في هذا الكون من حولنا يجعل المسلم يرفع رأسه عاليا ويقول بصوت مرتفع: أنا مسلم؛ لأن كل شيء في هذا الكون يشهد بصحة الإسلام وعظمته..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٢٣ رجب ١٤٢٩
1 / 1
ارتباط العقيدة بالسلوك
[السُّؤَالُ]
ـ[ممكن معلومات عن صلة العقيدة بالسلوك وأريد المعلومات ترسل على إيميلي....مع شكري وأحتاجها اليوم ضروري شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصد بالسلوك الأخلاق، فالعلاقة بينها وبين العقيدة أن العقيدة دافعة إلى حسن الخلق وكلما صحت عقيدة الإنسان واستقامت كلما حسنت أخلاقه وتمت وكلما حصل انحلال في العقيدة فإنه ينتج عن ذلك فساد في الأخلاق وفوضى في التفكير ونقص في العقل ورقة في الدين.
وما أجمل ما قرره شيخ الإسلام في آخر عقيدته الواسطية بعدما ذكر أصول الإيمان.
عند أهل السنة حيث قال ﵀:
ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة.
ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبرارا كانوا أو فجارا، ويحافظون على الجماعات.
ويدينون بالنصيحة للأمة، ويعتقدون معنى قوله ﷺ: «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص؛ يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه»، وقوله ﷺ: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو؛ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» .
ويأمرون بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء والرضا بمر القضاء.
ويدعون إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ويعتقدون معنى قوله ﷺ: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» .
ويندبون إلى أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك.
ويأمرون ببر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل، والرفق بالمملوك.
وينهون عن الفخر، والخيلاء، والبغي، والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق.
ويأمرون بمعالي الأخلاق، وينهون عن سفسافها.
وكل ما يقولونه ويفعلونه من هذا وغيره؛ فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة، وطريقتهم هي دين الإسلام الذي بعث الله به محمدا ﷺ انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٠٨ ربيع الأول ١٤٢٩
1 / 2
ما يجب على المسلم أن يعتقده ويؤمن به
[السُّؤَالُ]
ـ[عقيدة المسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائل لم يوضح ما يسأل عنه، ولكنا ننبه على أن المسلم يجب عليه أن يعتقد ويؤمن بجميع ما ثبت في الكتاب والسنة، فيؤمن بأركان الإيمان الستة المذكورة في حديث مسلم: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره.
وتفصيل هذه الأمور ذكرنا فيه فتاوى كثيرة يمكن الاطلاع عليها ضمن موضوعات العقيدة في فتاوانا، كما أنها مبسوطة في كتب أهل العلم التي ألفوها في العقيدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٠٤ ربيع الأول ١٤٢٩
1 / 3
ما يجب على المسلم المكلف تعلمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن العبادات "الواجب" على النساء تعلمها..وأين أجد العلوم المتعلقة بذلك؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم المكلف سواء كان رجلا أو امرأة أن يتعلم العقيدة الصحيحة، ويتعلم من أحكام الطهارة والصلاة ما تصح به عبادته، وكذلك الصيام، وأحكام الزكاة لمن له مال، والحج لمن كان مستطيعا، والكتب التي تخص العقيدة وأحكام الطهارة والصلاة والصيام توجد بكثرة في المكتبات، نذكر منها على سبيل المثال في باب الفقه كتاب: الملخص الفقهي للشيخ صالح الفوزان فهو كتاب ميسر يستفيد منه أغلب الناس، هذا إضافة إلى كتاب فتاوى أحكام النساء لابن الجوزي وكتاب فتاوى المرأة المسلمة.
وللفائدة فيما يتعلق بالموضوع تراجع الفتوى رقم: ١٨٩٣٤.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٠٤ رمضان ١٤٢٨
1 / 4
الإسلام دين جميع الأنبياء،
[السُّؤَالُ]
ـ[نسمع ونقرأ الكثير عن حوار الحضارات؟ نسمع ونقرأ عن الحوار بين الديانات؟ وأنا كإنسان يتبع الديانة المسيحية أتساءل وأكاد أصاب بالحيرة لدرجة الجنون: أليس من أهم مقومات وأسس الحوار بين فريقين هو اعتراف فريق بالفريق الآخر؟ كيف يقوم حوار بين شخصين لا يعترف أحدهما بالآخر؟ لماذا هذا الضحك والتملق من أحد الأفرقاء على الآخر؟ أنملك من الجرأة والإيمان أن ننادي وقبل بداية أي حوار باعتراف متبادل بين المتحاورين؟ الدين الإسلامي وفي القرآن الكريم وفي أحاديث الرسول الكريم محمد ﷺ وفي سيرة حياته لم نجد إلا توكيدا" بالاعتراف بنبوة عيسى ﵇ وحتى أن السيدة العذراء كرمت وذكرت في القرآن الكريم أكثر مما ورد ذكرها في الانجيل المقدس؟ لن أعدد ولن أطيل ولكن ما أود التصريح عنه بل سأصرخ صرخة صادق: أما آن الأوان لأتباع الديانة الأخرى الاعتراف الصريح بنبوة الرسول ومن ثم يأتي من بعدها المناداة بالحوار؟ ألا يوجد من أتباع الديانة المسيحية ورؤسائها من يتصدى للقيام بحملة اعتراف صريح لا مواربة فيها بنبوة الرسول ﷺ؟ كم أتوق لهذا اليوم لأكون من أوائل من ينضم أو يؤسس لهذه الحملة ومن بعدها صدقوني ستكون أمة العرب خير أمة أخرجت للعالم ... هل من سبيل لديكم لإطلاقة شرارة هذه الحملة؟ ملاحظة: أنا اسمي غسان سلطانه –عمري ٥٢ سنة ومن الجنسية السورية وأملك مكتبا" خاصا" في دمشق ... أدعو لكم بالتوفيق لما فيه خير البشرية لكم تقديري]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نشكرك على هذا التواصل مع موقعنا ونسأل الله أن يرزقنا وإياك الهدى للحق، ويجنبنا وإياك الباطل، إنه ولي ذلك والقادر عليه
واعلم ان المتحاورين في الديانات يجب عليهم أولا أن يعلموا ان الخلق خلق الله خلقهم الباري جل وعلا لعبادته وحده لا شريك له؛ كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) [الذاريات: ٥٦
فيجب عليهم أن يدينوا لله بالخضوع وأن يسلموا له ويذعنوا لطاعته وأن يعلموا أن اصلاحهم العلاقة مع مالكهم ومدبر أمورهم ومن إليه مرجعهم ومصيرهم وبيده محياهم ومماتهم هو اولى ما يتعين السعي فيه حتى يسعدهم في الدارين
فمراد الله من الخلق هو الاستسلام والانقياد لدينه الذي ارتضاه الله للبشرية وربط به هدايتهم، وحكم على من ابتغى غيره من الأديان بالخسارة، قال الله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ ﴿آل عمران:١٩﴾، وقال تعالى: وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ ﴿آل عمران:٢٠﴾، وقال الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿آل عمران:٨٥﴾، وقال تعالى: كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ﴿النحل:٨١﴾، وهذا الدين هو الذي جاء به الرسل كلهم وهم متفقون في كلياته وقد تختلف الشرائع في بعض الجزئيات ولكنه يجب في كل عصر اتباع الرسول المبعوث أو الرسل المبعوثين في ذلك العصر مع الايمان بالانبياء الاخرين ومحبتهم وتقديرهم جميعا وعدم التفريق بينهم وعدم الايمان ببعض والكفر ببعض، وقد وصف الله تعالى المتمسكين بدينه الحق بالإسلام سواء كانوا أنبياء أو أتباع الأنبياء، فقد أخبر الله تعالى أن إبراهيم ويعقوب أوصيا بالموت على الإسلام، وأن إبراهيم كان من المسلمين، وذلك حيث يقول تعالى في شأن إبراهيم: إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ* وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ. البقرة:١٣١-١٣٢.
وأخبر أن بني يعقوب أقروا على أنفسهم بالإسلام فقال: أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴿البقرة:١٣٣﴾، وأخبر أن إبراهيم وإسماعيل كانا يقولان في دعائهما: ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك، وقد وصف إبراهيم بالإسلام ونفى عنه اليهودية والنصرانية، فقال: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿آل عمران:٦٧﴾، وأخبر أن سحرة فرعون بعد إسلامهم دعوا الله تعالى فقالوا: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴿الأعراف:١٢٦﴾، وأخبر أن نوحا ﵇ قال في خطابه لقومه: فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿يونس:٧٢﴾، وأخبر أن موسى ﵇ قال في خطابه لبني إسرائيل: وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ﴿يونس:٨٤﴾، وأخبر أن سليمان ﵇ قال في رسالته لسبأ: إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴿النمل:٣٠-٣١﴾، ووصف ﷾ بيت لوط بالإسلام، فقال فيهم: فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿الذاريات:٣٦﴾، وأخبر تعالى أن الحواريين أشهدوا عيسى على إسلامهم، فقال: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴿آل عمران:٥٢﴾ .
فالإسلام بمعناه العام الذي هو الاستسلام لله تعالى وإفراده بالعبادة هو دين جميع الأنبياء، ومنهم موسى وعيسى ﵉، وأتباعهم الصادقون الذين يعملون بما أخذ على النبيين من الميثاق في وجوب الإيمان بمحمد ﷺ ونصرته واتباعه والإيمان بما جاء به وعدم العدول عنه إلى غيره. كما قال تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ﴿آل عمران: ٨١﴾
فيجب على المسلمين من أمة محمد ﷺ ان يؤمنوا بجميع الرسل صلى الله عليهم وسلم والا يفرقوا بينهم، ويجب كذلك على اليهود والنصارى الايمان بجميعهم، وقد نص القرآن على أن من جحدوا نبوة أحد من الأنبياء وفرقوا بين الرسل أنهم كافرون متوعدون بالعذاب، قال تعالى: إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ﴿النساء: ١٥٠-١٥١﴾ .
فنحن المسلمين نؤمن بنبوة عيسى ابن مريم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ونعتقد ان عيسى ومريم براء مما افتراه اليهود في حقهم، وذلك لأن الإيمان بالرسل كافة من أركان الإيمان، قال تعالى: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملآئكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ﴿البقرة:٢٨٥﴾، وفي حديث جبريل الطويل، قال ﷺ: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. رواه مسلم. وقال رسول الله ﷺ: الأنبياء إخوة لعلات، دينهم واحد وأمهاتهم شتى. رواه أحمد وصححه الألباني،
ومن هذا المنطلق فنحن نشكر لك انصافك وندعوك وننصح جميع النصارى بالبدار بالاذعان لله والتصديق بجميع ما جاءت به رسله قبل ان يموتوا ويخلدوا في النار يعذبون فيها عذابا ابديا. وهم في هذا العصر مخاطبون باتباع خاتم الانبياء محمد ﷺ الذي بشر به عيسى ﷺ فقد قال الله ﷿: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار* لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم* أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم* [المائدة:٧٢-٧٣-٧٤-] .
وقد قال النبي ﷺ: والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار. رواه مسلم.
ولقد ثبت في الإنجيل ما يبشر بنبوة محمد ﷺ، وإنجيل برنابا في الباب الثاني والعشرين جاء فيه: وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعته. اهـ. وكذا في (سفر أشعيا وسفرحبقوق) راجع كتب ومحاضرات ديدات وكتاب عبد المجيد الزنداني (البشارات بمحمد في الكتب السماوية السابقة) . ويمكنك الاطلاع على الفتاوى التالية في موقعنا: ٥٣٠٢٩، ٦٨٢٨، ٩٧٣٢، ٨٢١٠، ٧٤٥٠٠، ٧٠٨٢٤، ٢٧٩٨٦
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٠٣ جمادي الثانية ١٤٢٨
1 / 5
رفع عيسى إلى السماء بجسده وروحه وحكم من أنكر ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تلزمنا نصوص القرآن بالاعتقاد بأن المسيح رفع إلى السماء بجسده، وهل القول بإلزامها يعني القول بتكفير من يعتقد غير ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مما يجب على المسلم اعتقاده والإيمان به هوأن الله ﷾ رفع عيسى ﵇ إلى السماء، بروحه وجسده، وأنه حي وأنه سينزل في آخر الزمان، كما دلت على ذلك الآيات والأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله ﷺ قال تعالى: إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿آل عمران:٥٥﴾ .وقال في سورة النساء: وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿النساء:١٥٧-١٥٨﴾ وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ما نصه: يجب الإيمان بأن عيسى ابن مريم رفع إلى السماء بجسده وروحه حيا لم يمت حتى الآن ولم يقتله اليهود ولم يصلبوه ولكن شبه لهم فزعموا أنهم قتلوه وصلبوه.) انتهى
وجاء فيها أيضا: ومقتضى الإضراب في قوله تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ أن يكون سبحانه قد رفع عيسى ﵊ بدنا وروحا حتى يتحقق به الرد على زعم اليهود أنهم صلبوه وقتلوه لأن القتل والصلب إنما يكون للبدن أصالة ولأن رفع الروح وحدها لا ينافي دعواهم القتل والصلب فلا يكون رفع الروح وحدها ردا عليهم ولأن اسم عيسى ﵇ حقيقة في الروح والبدن جميعا فلا ينصرف إلى أحدهما عند الإطلاق إلا بقرينة ولا قرينة هنا. انتهى
وجاء فيها أيضا: ثبت بالأدلة من الكتاب والسنة أن عيسى بن مريم ﵇ لم يقتل ولم يمت بل رفعه الله إليه حيا، وأنه سينزل آخر الزمان حكما عدلا في هذه الأمة فمن قال إن عيسى قد مات وأنه لا ينزل آخر الزمان فقد خالف كتاب الله وسنة نبيه ﷺ وأخطأ خطأ فاحشا ويحكم بكفره بعد البلاغ وإقامة الحجة عليه لتكذيبه لله ورسوله. انتهى.
وإذا كان هذا هو حكم من أنكر نزول عيسى الثابت بالسنة فمن باب أولى من أنكر رفعه إلى السماء الثابت بنص كتاب الله تعالى. وعليه، فإن من أنكر أن الله رفع عيسى ﵇ إن كان من غير المسلمين فلا يحتاج إلى تكفير لأن ذلك تحصيل الحاصل والعياذ بالله تعالى، وإن كان من المسلمين وأنكر رفعه إلى السماء فإنه يوضح له الحق وتقام عليه الحجة، فإن أصر فإنه مرتد، لأنه بإنكاره لهذا الأمر بعد قيام الحجة عليه يكون قد كذب القرءان والسنة، وما دام جاهلا عذر بجهله. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: ٢٩٢٦٩.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٢٣ صفر ١٤٢٨
1 / 6
توضيح حول كتاب إضاءة الدجنة في اعتقاد أهل االسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت منظومة في العقيدة تسمى إضاءة الدجنة في اعتقاد أهل السنة هل هي من الكتب المعتمدة في هذا الفن؟.
وماذا تنصحون به من منظومات العقيدة المختصرة.
وجازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المنظومة صاحبها أشعري، وقد نظمها في العقيدة الأشعرية المتضمنة لتاويل الصفات، ولا يخفى أن ذلك مجانف لما هو الحق وهو معتقد السلف الصالح، وتوجد بعض المنظومات التي تحوي معتقد أهل السنة ومن أهمها نظم سلم الوصول للشيخ حافظ الحكمي، ونظم السفارينية، ونونية ابن القيم، ونونية القحطاني، ومقدمة نظم مختصر خليل للشيخ محمد سالم بن عدود الشنقيطي، وتوجد كذلك بعض المختصرات المنثورة المهمة في اعتقاد أهل السنة والجماعة ومن أهمها مقدمة رسالة ابن أبي زيد، والإبانة للأشعري، والعقيدة الطحاوية، والواسطية لابن تيمية وكتاب التوحيد وشروحه، والقواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين، وقد نظمت مقدمة رسالة ابن أبي زيد نظمين وهما مطبوعان.
هذا، وليعلم أن أهم المراجع في الاعتقاد التي تنمي الإيمان وتزيده ولا يغني عنها غيرها كتاب الله تعالى وكتب السنة وكتاب السير وقصص الأنبياء الثابتة، فعلى المسلم أن يجعل لنفسه وقتا يوميا يعيش فيه مع تدبر شيء من القرآن الكريم ويطالع بعض الأحاديث النبوية وسير الأنبياء والسلف الصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
١٧ صفر ١٤٢٨
1 / 7
الإسلام دين الأنبياء جميعا بما فيهم موسى وعيسى ﵈
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدنا إبراهيم ﵇ كان مسلمًا، سؤالي هو: كيف يكون هناك ديانات يهودية ونصرانية بعد ذلك، وهل هي ديانات أم رسالات، وعندما يسألون في قبورهم عن دينهم ماذا سيجيبون؟ وجزاكم الله خيرًا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله للبشرية وربط به هدايتهم، وحكم على من ابتغى غيره من الأديان بالخسارة، قال الله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ ﴿آل عمران:١٩﴾، وقال تعالى: وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ ﴿آل عمران:٢٠﴾، وقال الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿آل عمران:٨٥﴾، وقال تعالى: كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ﴿النحل:٨١﴾، وقد وصف الله تعالى المتمسكين بدينه الحق بالإسلام سواء كانوا أنبياء أو أتباع الأنبياء، فقد أخبر الله تعالى أن إبراهيم ويعقوب أوصيا بالموت على الإسلام، وأن إبراهيم كان من المسلمين، وذلك حيث يقول تعالى في شأن إبراهيم: إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ* وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿البقرة:١٣١-١٣٢﴾ .
وأخبر أن بني يعقوب أقروا على أنفسهم بالإسلام فقال: أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴿البقرة:١٣٣﴾، وأخبر أن إبراهيم وإسماعيل كانا يقولان في دعائهما: ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك، وقد وصف إبراهيم بالإسلام ونفى عنه اليهودية والنصرانية، فقال: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿آل عمران:٦٧﴾، وأخبر أن سحرة فرعون بعد إسلامهم دعوا الله تعالى فقالوا: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴿الأعراف:١٢٦﴾، وأخبر أن نوحا ﵇ قال في خطابه لقومه: فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿يونس:٧٢﴾، وأخبر أن موسى ﵇ قال في خطابه لبني إسرائيل: وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ﴿يونس:٨٤﴾، وأخبر أن سليمان ﵇ قال في رسالته لسبأ: إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴿النمل:٣٠-٣١﴾، ووصف ﷾ بيت لوط بالإسلام، فقال فيهم: فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿الذاريات:٣٦﴾، وأخبر تعالى أن الحواريين أشهدوا عيسى على إسلامهم، فقال: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴿آل عمران:٥٢﴾ .
وبهذا يُعلم أن الإسلام وهو الاستسلام لأمر الله تعالى وعبادته وحده هو دين الأنبياء جميعًا، فقد اتفقت كلمتهم على الدعوة إلى عبادة الله وحده، ولكن اختلفت الشرائع فقد يباح لقوم ما يحرم على آخرين والعكس، ويباح في زمان ما يحرم في آخر لما يعلمه سبحانه من مصالح العباد، والإسلام الذي جاء به محمد ﷺ امتداد لدين الله الذي شرعه للبشر من قديم الزمان وناسخ لما قبله من الشرائع، فلا يقبل من أحد دين غيره بعد بعثة محمد ﷺ، وأما تسمية اليهود يهودًا فإنها -كما قال بعض أهل العلم- مأخوذة من اسم ولد يعقوب الذي ينتمون إليه، وكان اسمه يهوذا، وقيل غير ذلك.
وسمي أتباع دين النصرانية بالنصارى نسبة إلى بلدة الناصرة في فلسطين، والتي ولد فيها المسيح ﵇، أو لأنهم نصروا عيسى ﵇، واليهودية والنصرانية ديانتان سماويتان، وكانتا صحيحتين قبل دخول التحريف والتبديل عليهما، ولا فرق بين أن نصفهما بأنهما ديانتان سماويتان وبين أن نصفهما بأنهما رسالتان، ومع أن الديانتين المذكورتين رسالتان من عند الله فإن أصحابهما إذا سئلوا في قبورهم عن دينهم فلا علم لنا بما سيجيبون به، لأن ذلك من علم الغيب الذي لا يجوز الكلام فيه إلا بدليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
١٦ شعبان ١٤٢٧
1 / 8
العقيدة الصحيحة والعقائد الباطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي المعتقدات الباطلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العقائد الباطلة كثيرة متعددة لا يمكن حصرها، فقد قال الله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿الأنعام: ١٥٣﴾ .
وفسر النبي ﷺ هذه الآية، فعن عبد الله بن مسعود قال: خط لنا رسول الله ﷺ خطا ثم قال هذا سبيل الله، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال هذه سبل قال يزيد: متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ. رواه أحمد وصححه الألباني وحسنه شعيب الأرناؤوط.
فالسبل متعددة، بينما صراط الله واحد، وكل ما خالف صراط الله المستقيم هو من السبل.
ولهذا نقول: كل ما خالف العقيدة الصحيحة هو من العقائد الباطلة.
والعقيدة الصحيحة هي ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه والسلف الأوائل، أصحاب القرون المفضلة، وهي عقيدة أهل السنة والجماعة، ويدل على ذلك قوله تعالى: فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ﴿البقرة: ١٣٧﴾ .
وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية: ٥٤٥٨١، ٤٦٥١٧، ٢٥١٧٤، ٤٥٨٠٩.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٢٦ ذو القعدة ١٤٢٦
1 / 9
من الدلائل التي سلكها القرآن في غرس العقيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفيدوني بمعلومات حول -أهمية العقيدة للفرد والمجتمع، -الوسائل التي اتبعها القرآن لترسيخ العقيدة في قلوب المسلمين، -العقيدة فطرة في نفس البشرية، تقبل الله صيامكم وقيامكم وسائر أعمالكم ووفقكم إلى إنارة الطريق لهذه الأمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا سعادة حقيقية للفرد ولا للمجتمع إلا باتباع العقيدة الصحيحة التي ارتضاها الله لعباده، قال الله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ ﴿آل عمران:١٩﴾، وقال تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين َ ﴿آل عمران:٨٥﴾ .
وحاجة الإنسان للعقيدة أعظم من حاجته للطعام والشراب فبها تحيا القلوب وتطمئن النفوس وتصح الأبدان، وينعم الفرد والمجتمع، وإلا عاشوا في بهيمية نكراء يأكل القوي الضعيف، وكان اختلافهم عن سائر الحيوانات في الشكل والصورة فقط، ولزمتهم الحيرة والنكد والحياة التعيسة التي يحياها كل من أعرض عن العقيدة الصحيحة، فهم وإن تنعموا بملذات الدنيا ونعيمها فقد فقدوا أغلى ما فيها، ويتقلبون في ظلمات الشك وبحور التيه، قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴿طه:١٢٤﴾ .
أما الوسائل التي اتبعها القرآن في ترسيخ العقيدة فكثيرة منها: المقارنة بين عقائد الموحدين وعقائد المشركين وضرب الأمثال، قال تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿الزمر:٢٩﴾، ومنها الدعوة للنظر والتأمل وإعمال العقل، قال تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴿الأنبياء:٢٢﴾، وقال تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ﴿آل عمران:١٩٠﴾ .
وغير ذلك كثير.. ولا نستطيع أن نذكر جميع الوسائل لمخالفته لمقصود الفتوى، فراجع: معارج القبول، والعقيدة الواسطية، وتيسير العزيز الحميد، وغيرها من كتب العقائد.
أما كون العقيدة فطرة في النفس البشرية: فإن الأدلة الشرعية والحسية تضافرت على أن الله فطر عباده على التوحيد، قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ﴿الأعراف:١٧٢﴾، ومعنى الآية عند كثير من المفسرين أن الله أخرج ذرية آدم من صلبه وأمرهم بعبادته وتوحيده سبحانه وأخذ عليهم الميثاق بذلك، وقال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿الروم:٣٠﴾، قال ابن عباس (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّه ِ) أي لدين الله.
ومن أدلة السنة ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: كل مولود يولد على الفطرة.
وروى مسلم عن عياض بن حمار قال: إن رسول الله ﷺ قال: قال الله تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا. ولمزيد فائدة راجع الفتويين: ١٨٧٢٣، ٢٦٦٤٥.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
١١ شوال ١٤٢٥
1 / 10
العقيدة الصحيحة هي أساس الأعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى العقيدة ولم يركز عليها العلماء أكثر من بقية الأمور كالحديث والفقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقيدة هي جملة من الأمور التي تصدق بها النفوس وتطمئن إليها القلوب، وتكون يقينا عند أصحابها، لا يمازجها ريب ولا يخالطها شك، ولذا تدور مادة (عقد) في اللغة على اللزوم والتأكيد والاستيثاق، والعقيدة في الإسلام تقابل الشريعة، إذ الإسلام عقيدة وشريعة، فالشريعة تعني التكاليف العملية من العبادات والمعاملات، أما العقيدة فليست أمورا عملية، بل هي أمور علمية يجب على المسلم أن يعتقدها ويؤمن بها، وأصول العقيدة وأركان الإيمان ما جاء في حديث جبريل قال: وما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. متفق عليه.
وأما سبب تركيز العلماء على العقيدة أكثر أو قبل بقية أمور الدين كالفقه، لأن هذا هو منهج الأنبياء ومنهم النبي ﵊، فإنه مكث ثلاثة عشر عاما في مكة يدعو إلى العقيدة وإلى التوحيد والنهي عن الشرك.
وكل نبي يبعث إلى قومه يكون أول ما يدعوهم إليه توحيد الله ﷿: [وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ] (الانبياء:٢٥)
[وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ] (النحل: ٣٦) .
وعلم النبي ﷺ أصحابه هذا المنهج، فقد ورد في الصحيحين أنه ﷺ لما بعث معاذا إلى اليمن قال له: فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وفي رواية للبخاري: فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله. ولأن العقيدة الصحيحة هي أساس الأعمال، والأعمال هي ثمرة العقيدة. قال تعالى: [ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ] * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا] (ابراهيم: ٢٤-٢٥) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٢٥ محرم ١٤٢٥
1 / 11
دين الإسلام يشتمل على أصول وفروع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه يجوز أن نقول هناك لدينا أصول وفروع أي هل هناك فروع في الدين وما هو الصحيح في هذا وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن دين الإسلام يشتمل على أصول وفروع، ويقصدون بالأصول علم العقائد، لأنه هو أساس الدين، وشرط في قبول الطاعات، فمن لم يحقق الإيمان بالله تعالى لا يقبل منه عمل، لقوله تعالى: [مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً] (النحل: ٩٧) .
وفي هذا المجال يقول الشيخ ابن أبي العز الحنفي في مقدمة شرحه على "العقيدة الطحاوية":
أما بعد: فإنه لما كان علم أصول الدين أشرف العلوم، إذ شرف العلم بشرف المعلوم، وهو الفقه الأكبر بالنسبة إلى فقه الفروع، ولهذا سمى الإمام أبو حنيفة رحمة الله عليه ما قاله وجمعه في أوراق من أصول الدين (الفقه الأكبر) وحاجة عباد الله إليه فوق كل حاجة، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة، لأنه لا حياة للقلوب ولا نعيم ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها بأسمائه وصفاته وأفعاله، ويكون مع ذلك كله أحب إليها مما سواه. انتهى.
وعليه، فإن المقصود بأصول الدين علم العقائد، وما يجب على المسلم اعتقاده في حق الله تعالى ورسله واليوم الآخر، إلى آخر ذلك.
ويقصد بعلم الفروع الطاعات التي تصدر عن الجوارح كالصلاة والزكاة والحج وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
١٨ محرم ١٤٢٥
1 / 12
حكم إطلاق لفظ الوالد على العالم أو الكبير
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشتهر في الوقت الحالي إطلاق لقب والد على علماء الدين الإسلامي كبار السن والعلم والمقام فهل إطلاق هذا اللفظ يجوز مع ملاحظة الآتي: أن النصاري يطلقون لفظ البابا على علمائهم الكبار في العلم والمقام ولم يرد عن الرسول صلى الله علية وسلم أو الصحابة أو التابعين أو السلف إطلاق لفظ الوالد الأب على العلماء. ولو كان لأحد أن يلقب بالوالد لما كان أحق بها من رسول الله الذي قال ربنا فيه: "ما كان محمدٌ أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله إليكم".
برجاء الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من إطلاق هذا اللفظ على الكبير -عالمًا كان أو غيره- فهو من قبيل المجاز الصحيح في اللغة، وهو سائغ أيضًا من حيث المعنى، وجائز من حيث الشرع، يقول الله تعالى: (قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ) [البقرة:١٣٣] .
وإسماعيل من أعمامه لا من آبائه.
وقد سئل ابن الصلاح عن مسألة في الأبوة: هل يجوز أن يطلق في الكتاب العزيز والحديث الصحيح الأب من غير صلب ...؟ ونرى مشايخ الطرقية يسمونهم أبا المريدين فيجب بيان هذا من الكتاب العزيز والحديث الصحيح.
فأجاب ﵀ قال الله تعالى: (قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ) وإسماعيل من أعمامه لا من آبائه، وقال سبحانه: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) وأمه قد كان تقدم وفاتها قالوا: والمراد خالته، ففي هذا استعمال الأبوين من غير ولادة حقيقة وهو مجاز صحيح في اللسان العربي، وإجراء ذلك من النبي ﷺ والعالم والشيخ ... سائغ من حيث اللغة والمعنى، وأما من حيث الشرع، فقد قال الله ﷾: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ) .
وفي الحديث: "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلِّمكم" فذهب بعض علمائنا إلى أنه لا يقال فيه ﷺ إنه (أبو المؤمنين) وإن كان يقال في أزواجه (أمهات المؤمنين) وحجته ما ذكرت، فعلى هذا يقال هو مثل الأب، أو كالأب، أو بمنزلة أبينا، ولا يقال هو: أبونا، أو والدنا.
ومن علمائنا من جوزه وأطلق هذا أيضًا، وفي هذا للمحقق مجال بحث يطول، والأحوط التورع والتحرز عن ذلك. انتهى.
وقال النووي ﵀: هل يقال للنبي ﷺ أبو المؤمنين؟ فيه وجهان لأصحابنا: أصحهما عندهم الجواز وهو نص الشافعي أنه يقال أبو المؤمنين أي في الحرمة، ومعنى الآية: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ) [الأحزاب:٤٠] . لصلبه. . ا. هـ من معجم المناهي اللفظية لبكر أبو زيد.
وهذا الخلاف في حق النبي ﷺ هل يقال له أبو المؤمنين أم لا؟
وأما كبير السن، سواء أكان عالمًا أم لا، فلم نر من خالف في جواز إطلاق الوالد عليه تعظيمًا وتبجيلًا.
هذا؛ ولما كان إطلاق هذا اللقب على كبار السن من أهل العلم والفضل من باب التشريف والتوقير كان ممدوحًا مرغبًا فيه شرعًا، ففي الحديث: "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم" رواه أبو داود.
ولا يعد المنادي لهم بهذا كاذبا، لأنه إما أن يقوله تشريفًا، وقد سبق حكمه، أو تعريفًا، فيكون قصده حينئذ مجرد التعريف لا حقيقة مدلوله.
وأما ما أورده السائل من إيرادات على استعمال هذا اللقب، فغير مسلَّم له، فقوله: إن النصارى يطلقون لفظ (البابا) على علمائهم، فليس في هذا إشكال، فنحن لا نقول بابا، وإنما نقول في مقام التعريف الوالد فلان، أو الأب فلان.
ثم إن البابا عندهم لقب ثابت لمن يتولى رئاسة الكنيسة، ونحن إنما نقول ذلك -كما مر- في مقام التعريف والتشريف، ثم لو فرضت المشابهة، فهي من باب الاشتراك في الألفاظ، ولا يلزمنا أن نترك كل لفظ أو لقب شاركنا فيه غيرنا.
وأما أن السلف لم يستعملوا هذا في حق العالم الكبير، فدعوى غير صحيحة، بل ما زال المسلمون سلفًا وخلفًا ينادون كبير السن بالوالد والأب، وينادون الصغير بالولد والابن، ولو لم تكن هناك بنوة حقيقية أو أبوة حقيقية، وفي الحديث الصحيح عن أنس قال: قال لي رسول الله ﷺ: "يا بُنيِّ إذا دخلت على أهلك فسلم" رواه مسلم.
وأما قوله: لو كان لأحد ... فقد سبق جوابه في كلام ابن الصلاح ﵀ والنووي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٠٨ ذو الحجة ١٤٢٣
1 / 13
قراءة الأذكار جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة المأثورات للشهيد حسن البنا جماعة بصوت واحد أو فرادى؟ جزاكم الله خيرًا.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس في قراءة كتاب المأثورات للشيخ حسن البنا وغيره من كتب الأذكار، وقد بينا ضوابط ذلك في الفتوى رقم: ٨٣٨١.
وفيها أن الذكر الجماعي بصوت واحد من البدع المحدثات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٠٨ شعبان ١٤٢٣
1 / 14
مستقر الأرواح وقت النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم التكرم بإفادتي عن السؤال التالي: أين تذهب الروح عند النوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر ابن قتيبة في الغريب أن الروح يعرج بها إلى العرش، فإن كان النائم نام على طهارة أذن لها بالسجود وإن كان جنبا لم يؤذن لها.
وقال المناوي وفي خبر الب يهقي: أن الأوراح يعرج بها في منامها فتؤمر بالسجود عند العرش فمن بات طاهرا سجد عند العرش ومن كان ليس بطاهر سجد بعيدا عنه.
ولا نعلم شيئا ثابتا من هذا عن النبي ﷺ، وإنما ما روي في هذا موقوف على الصحابي عبد الله بن عمرو ولم نطلع على كلام لأهل العلم في الحكم على هذه المرويات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٢٤ ذو القعدة ١٤٢٩
1 / 15
شرع الله الشرائع وأرسل الرسل قبل العرب وإسرائيل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن لنا أن نسأل عن الذي اخترع الدين، هل اخترعه بنو إسرائيل أم العرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدين ليس من اختراع البشر؛ بل هو تشريع من الله تعالى، وقد شرع الله الشرائع وأرسل الرسل قبل العرب وإسرائيل، قال الله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [النحل:٣٦]، وقال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:٥٦]، وأخبر الله تعالى عن إبراهيم جد إسرائيل أنه وصى بنيه بالدين الذي اصطفاه الله تعالى، قال الله تعالى: وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [البقرة:١٣٢]، وفي حديث البخاري: الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٠٥ ربيع الأول ١٤٢٥
1 / 16
أعز شيء عند المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي أعز حاجة عند الإنسان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأعز حاجة عند الإنسان تختلف باختلاف هذا الإنسان، هل هو مسلم أم كافر، فأعز حاجة عند المسلم الالتزام بالإسلام، الذي أكرمه الله به والذي يرى أن سعادة الدنيا والآخرة مرهونة باتباعه.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: ٢٥٢٥١، والفتوى رقم: ٢٦٢٣٥، والفتوى رقم: ١٢٥٢٩، والفتوى رقم: ١٨٩٤١.
والله وأعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٢٩ شعبان ١٤٢٤
1 / 17
ما المقصود بالسلفية العلمية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالسلفية العلمية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسلفية العلمية مصطلح حادث على الساحة الإسلامية يطلقه البعض على من يرون أنهم يجعلون جل اهتمامهم منصبًا على طلب العلم دون غيره، وعلى أي حال فينبغي الإعراض عن هذه المسميات والتقسيمات لأنها في النهاية لن تخدم الصف الإسلامي بل تقود إلى التشرذم والتحزب والاختلاف، والواجب على المسلمين كافة أن يعتصموا بحبل الله تعالى، وأن يرجعوا إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم ﷺ، وإلى المعين الصافي الموروث عن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: ٦٤٧١٥، والفتوى رقم: ١٠١٥٧.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
٠٧ شعبان ١٤٢٨
1 / 18
معنى كل من (الموت والوفاة)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تختلف كلمة يموت عن كلمة يتوفى في المعنى، فقد ذكر في القرآن عن عيسى ﵇ \" إني متوفيك ورافعك إلي \" ونحن نعلم أن سيدنا عيسى لم يمت بل هو حي في السماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لفظ الموت والوفاة يطلق على المنية ومفارقة الروح للبدن حقيقة فيدلان على نفس المعنى، وكلاهما يستعمل استعمالا مجازيا في النوم، فيطلق الموت على النوم كما في قوله ﷺ: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور. وتطلق الوفاة على النوم أيضا كما في قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ﴿الأنعام: ٦٠﴾ . وقد يستعمل اللفظان في غير ذلك من المعاني كشدة الفقر ونحوه مما يدل عليه السياق والسباق واللحاق وبسط ذلك في المعاجم اللغوية كلسان العرب لابن منظور والقاموس المحيط للفيروزآبادى والمصباح للفيومي وغيرها. وأما المقصود بذلك في قوله تعالى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴿آل عمران: ٥٥﴾ . وقوله: فلما توفيتي كنت أنت الرقيب عليهم، فقد ذكرناه مفصلا في الفتوى رقم: ١٨٨١٨، والفتوى رقم: ٢٩٢٦٩.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
١١ رجب ١٤٢٦
1 / 19