الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

وهبة الزحيلي ت. 1436 هجري
99

الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

الناشر

دار الفكر-سوريَّة

رقم الإصدار

الرَّابعة المنقَّحة المعدَّلة بالنِّسبة لما سبقها (وهي الطبعة الثانية عشرة لما تقدمها من طبعات مصورة)

مكان النشر

دمشق

تصانيف

وعليه لايجوز التلفيق في المحظورات المتعلقة بحقوق الله (أو حقوق المجتمع) حفاظًا على النظام العام في الشريعة، واهتمامًا برعاية المصالح العامة. كما لا يجوز التلفيق في المحظورات المتعلقة بحقوق العباد (حقوق الأشخاص الخاصة) منعًا من الاحتيال على حقوق الناس وإلحاق الضرر بهم والاعتداء عليهم. وأما النوع الثالث - فهو المعاملات المدنية: والعقوبات الشرعية (الحدود والتعزيرات)، وأداء الأموال الواجبة شرعًا من عشر المزروعات، وخراج الأراضي، وخمس المعادن المكتشفة، والمناكحات (أو الأحوال الشخصية). فعقود الزواج (المناكحات) وما يتبعها من أنواع الفرقة الزوجية: مبناها سعادة الزوجين وأولادهما. ويتحقق ذلك بالحفاظ على الرابطة الزوجية، وتوفر الحياة الطيبة فيها، كما قرر القرآن الكريم: ﴿فإمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان﴾ [البقرة:٢٢٩/ ٢]. فكل ما يؤيد هذا الأصل يعمل به، ولو أدى في بعض الوقائع إلى التلفيق الجائز، أما إذا اتخذ التلفيق ذريعة لتلاعب الناس بأقضية الزواج والطلاق، فيكون تلفيقًا قادحًا ممنوعًا، مراعاة للقاعدة الشرعية: وهي (أن الأصل في الأبضاع (١) التحريم) صيانة لحقوق النساء والأنساب. وأما المعاملات، وأداء الأموال، والعقوبات المقررة في الشرع والقصاص لصيانة الدماء ونحوها من التكاليف المراعى فيها مصالح البشرية والمرافق الحيوية، فيجب الأخذ فيها من كل مذهب ما هو أقرب لمصلحة الناس وسعادتهم، ولو لزم منه التلفيق، لما فيه من السعي وراء تأييد المصلحة التي يقصدها الشرع، ولأن مصالح الناس تتغير بتغير الزمان والعرف وتطور الحضارة والعمران. ومعيار المصلحة أو تحديد المراد منها: هو كل ما يضمن صيانة الأصول الكلية الخمسة:

(١) الأبضاع جمع بضع بضم الباء: يطلق على الفرج والجماع، ويطلق أيضًا على التزويج (المصباح المنير).

1 / 114