الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي
الناشر
دار الفكر-سوريَّة
رقم الإصدار
الرَّابعة المنقَّحة المعدَّلة بالنِّسبة لما سبقها (وهي الطبعة الثانية عشرة لما تقدمها من طبعات مصورة)
مكان النشر
دمشق
تصانيف
كذلك الجزاء في الفقه إيجابي وسلبي، إيجابي لأن فيه ثوابًا على طاعة الأوامر وامتثالها، وسلبي لأنه يقرر ثوابًا على اجتناب النواهي والمعاصي والكف عنها. أما القانون فيقتصر على تقرير جزاءات سلبية على مخالفة أحكامه، دون تقرير ثواب على حالة امتثال قواعده.
- ٦ ً- النزعة في الفقه جماعية: أي أن فيه مراعاة لمصلحة الفرد والجماعة معًا، دون أن تطغى واحدة على الأخرى، ومع ذلك تقدم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد عند تعارض المصلحتين، كما أنه عند تعارض مصلحة شخصين: تقدم مصلحة من يصيبه أكبر الضررين، تطبيقًا لقاعدة (لا ضرر ولا ضرار) و(يدفع أكبر الضررين بالأخف منهما).
- فمن أمثلة رعاية مصلحة الجماعة: تشريع العبادات من صلاة وصوم ونحوهما، وحل البيع وتحريم الربا، وتحريم الاحتكار ثم البيع بثمن المثل، ومشروعية التسعير الجبري، وإقامة الحدود على أخطر المنكرات، وتنظيم الأسرة، ورعاية حقوق الجار، والوفاء بالعقود، والبيع الجبري للمصلحة العامة كبناء المساجد والمدارس والمشافي، وإنشاء المقابر، وتوسيع الطرق ومجاري الأنهار.
- ومن أمثلة تقييد حق الفرد عند ضرر الجماعة، أو حدوث ضرر أكبر: عدم إلزام الزوجة بطاعة زوجها إذا أضرَّ بها، لقوله تعالى: ﴿ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا﴾ [البقرة:٢/ ٢٣١]، وعدم إطاعة الحاكم إذا أمر بمعصية، أو تنكر للمصلحة العامة؛ لأن الطاعة في المعروف، ولقول رسول الله ﷺ فيما رواه أحمد: «السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب أو كره، مالم يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة».
- ومن أمثلته: تقييد جواز الوصية بثلث المال منعًا من إضرار الورثة، لقول
1 / 38