الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

وهبة الزحيلي ت. 1436 هجري
115

الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

الناشر

دار الفكر-سوريَّة

رقم الإصدار

الرَّابعة المنقَّحة المعدَّلة بالنِّسبة لما سبقها (وهي الطبعة الثانية عشرة لما تقدمها من طبعات مصورة)

مكان النشر

دمشق

تصانيف

وخلاصة الكلام المفهوم من كلام القرافي والشيخ عليش: إن المقلد إذا كان أهلًا للترجيح، وكان هناك قولان: راجح ومرجوح، فعليه النظر والترجيح. وإن كان القولان متكافئين لا راجح فيهما في نظره، جاز له الحكم بأحد القولين أو الترجيح بالأعلم أو بالأكثر أو بالأشد والأثقل (١). هذا هو الأصل العام عند العلماء في أنه يجب العمل بالراجح في الفتوى والقضاء والعمل إلا لعارض معتبر شرعًا، فإذا وجدت ضرورة أو حاجة أومصلحة عامة للعمل بالقول المرجوح (الضعيف أو الشاذ) (٢) أو اعتمد الحاكم قولًا مرجوحًا، جاز الأخذ به، كما بينت سابقًا، ولا إجماع في الحقيقة على منع الأخذ بالمرجوح بدليل وجود الاختلاف بين العلماء فيما يأخذ به المقلد من أقوال العلماء. قيل: يأخذ بقول أعلمهم. وقيل: يأخذ بقول أكثرهم، وقيل: يأخذ بقول من شاء منهم، يعني وإن لم يكن قائله أعلم ولا أكثر، بل يكون مماثلًا أو أقل عددًا أو أدنى علمًا، وهذا هو عين القول الشاذ. وقد قال بعض المفسرين في سر قوله تعالى لداود ﵇: ﴿ولا تتبع الهوى﴾ [ص:٢٦/ ٣٨]، بعد أمره له أن يحكم بالحق: إن فيه إشارة إلى أن الامتثال لايكون بمجرد الحكم بالحق، حتى يكون الباعث على الحكم به حقيته، لا اتباع الهوى، فيكون معبود من اتصف بهذا هواه، لا مولاه جل وعلا، حتى إذا لم يجد هواه في الحق تركه، واتبع غير الله. أما من قلد القول الشاذ لأنه حق في حق من قال به، وفي حق من قلده، ولم يحمله عليه مجرد الهوى، بل الحاجة والاستعانة على دفع ضرر ديني أو دنيوي،

(١) الإحكام للقرافي: ص٣٠، ٨٠، فتاوى عليش: ٦٥/ ١،٦٩، ٧٩ (٢) القول الشاذ: هو الذي ضعف مُدْرَكه جدًا.

1 / 130