89

العقائد الإسلامية لابن باديس

رقم الإصدار

الثانية

تصانيف

الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ الْقَدَرُ: ٥٦ - الْقَدَرُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْإِحَاطَةُ بِمِقْدَارِ الشَّيْءِ. تَقُولُ: قَدَّرْتُ الشَّيْءَ أُقَدِّرُهُ قَدَرًا إِذَا أَحَطْتَ بِمِقْدَارِهِ. وَقَدَرُ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ تَعَلُّقُ عِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ أَزَلًا بِالْكَائِنَاتِ كُلِّهَا قَبْلَ وُجُودِهَا، فَلَا حَادِثَ إِلَّا وَقَدْ قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، أَيْ سَبَقَ بِهِ عِلْمُهُ وَتَقَدَّمَتْ بِهِ إِرَادَتُهُ، فَكُلُّ حَادِثٍ فَهُوَ عَلَى وِفْقِ مَا سَبَقَ بِهِ عِلْمُ اللَّهِ وَمَضَتْ بِهِ إِرَادَتُهُ (١)، - لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾، - ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (٢)﴾،

(١) ليت دجاجلة علم الغيب وسماسرة الذين يفترون على الله ما لا يعلمون ويوهمون بالحروز ونحوها يتدبرون هذا. والوفق مصدر: الموافقة والمطابقة بين الشيئين. ومضت إرادته: نفذت إرادته. وكم يعجبني قول الامام الشافعي ﵁ في القضاء والقدر: مَا شِئْتَ كَانَ وَإنْ لَمْ أَشَأْ ... وَمَا شِئْتُ إِن لَّمْ تَشأْ لَمْ يَكُنْ خَلقْتَ الْعِبَادَ لِمَا قَدْ عَلِمْتَ ... فَفِي الْعِلْمِ يُجْزَى الْفَتَى وَالْمُسِنْ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ ... وَمِنْهُمْ قَبِيحٌ وَمِنْهُمْ حَسَنْ عَلَى ذَا مَنَنْتَ وَهَذَا خَذَلْتَ، ... وَذَاكَ أَعَنْتَ وَذَا لَمْ تُعِنْ (٢) يعني أن التقدير سبق به علم الله وإرادته.

1 / 90