التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي

عبد القادر عودة ت. 1373 هجري
102

التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي

الناشر

دار الكاتب العربي

مكان النشر

بيروت

تصانيف

عزل رئيس الدولة أو الهيئة التنفيذية، وإما الامتناع عن الطاعة، فإذا توفر الغرض على هذا الوجه مع توفر الشروط الأخرى كانت الجريمة سياسية والمجرم سياسيًا. أما إذا كان الغرض من الجريمة إحداث أي تغيير يتنافى مع نصوص الشريعة، كإدخال نظام غير إسلامي يخالف النظام، أو تمكين دولة أجنبية من التسلط على البلاد، أو إضعاف قوة الدولة أمام غيرها من الدول، إذا كان الغرض من الجريمة شيئًا من هذا أو مثله، فإن الجريمة لا تكون بغيًا - أي سياسية - وإنما هي إفساد في الأرض، ومحاربة لله ورسوله، وهي جريمة عادية قررت لها الشريعة عقوبة قاسية (١) . ثانيًا: التأول: يشترط في البغاة - أي المجرمين - أن يكونوا متأولين، أي أن يدعوا سببًا لخروجهم، ويدللوا على صحة ادعائهم، ولو كان الدليل في ذاته ضعيفًا، كادعاء الخارجين على الإمام عليّ بأنه يعرف قتلة عثمان ويقدر عليهم ولا يقتص منهم لمواطأته إياهم، وكتأول بعض مانعي الزكاة في عهد أبي بكر بأنهم لا يدفعون الزكاة إلا لمن كانت صلاته سكنًا لهم، طبقًا لقوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾ إلى قوله: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ﴾ [التوبة: ١٠٣]، فإذا لم يدعوا سببًا للخروج، أو ادعوا سببًا لا تقره الشريعة إطلاقًا، كأن طلبوا عزل رئيس الدولة دون أن ينسبوا إليه شيئًا، أو طلبوا عزله لأنه ليس من بلدهم، فهم قطاع طريق يسعون في الأرض بالفساد، ولهم عقوبتهم الخاصة، وليسوا بأي حال بغاة أو مجرمين سياسيين (٢) . ثالثًا: الشوكة: يشترط في الباغي - أي المجرم السياسي - أن يكون ذا شوكة وقوة لا بنفسه بل بغيره ممن هم على رأيه، فإن لم يكن من أهل الشوكة على هذا

(١) أسنى المطالب ج٤ ص١١١، ١١٢، المغني ج١٠ ص٥٢، نهاية المحتاج ج٧ ص٣٨٢، البحر الرائق ج٥ ص١٥١. (٢) البحر الرائق ج٥ ص١٥١، ١٥٤. شرح الزرفاني ج٨ ص٦٢. نهاية المحتاج ج٧ ص٣٨٢، ٣٨٣. المغني ج١٠ ص٤٩.

1 / 103