180

الدعوة الإسلامية في عهدها المكي مناهجها وغاياتها

الناشر

دار القلم

الإصدار

الثالثة

تصانيف

الميكأكئ عليه بالخيل والرجال والرأي والحفيظة لما أمكن أن يضع هذا المعيار الخالد الذي يصور المستوى السامق في عزة النفس والثقة بالله وبالإسلام وبما يدعو إليه مما ينبغي أن يتسلح به الداعية.
لقد كانت ثقة الرسول ﷺ بنفسه كداعية أسلم وجهه لله وهو محسن تفوق قدرة البشر حتى ولو تقدموا علميا أو تكنولوجيا واستطاعوا أن يخلعوا قرص الشمس من فلكها وينتزعوا القمر من هالته وحاولوا أن يقنعوه فيما بعد لو صح لهم أن يضعوا هذه الشمس المخلوعة من فلكها في يمينه، وهذا القمر المنتزع من هالته في يسراه، ما قبل وما وثق وما رضي ولاستمر على دعوته لأنها أحق مما وصلوا إليه لو كانوا يقدرون.
والرسول ﷺ بهذا يحدد مستوى الثقة بالنفس للداعية الإسلامي الذي يضطلع بأعباء العمل للدعوة الإسلامية، وفي نفس الوقت يشاء الله ﷾ أن يكون هذا المستوى من الثقة بالنفس خاصا بالداعية الإسلامي، لأنه مستند في ثقته بالنفس إلى الإيمان بالله العلي الكبير ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ ١.
لقد كانت ثقة الأنبياء ولم تكن ثقة الزعماء. إن ثقة الأنبياء رحمة وحنان وثقة الزعماء قسوة وطغيان.

١ من الآية رقم ٨ من سورة "المنافقون".

1 / 172