الإسلام والحضارة الإنسانية

عباس محمود العقاد ت. 1383 هجري
52

الإسلام والحضارة الإنسانية

تصانيف

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون .

فكيف تراهم يكتبون نص التحريم ليكون النص قاطعا فيه؟

إنهم يقولون في كراستهم: «إن بعض آيات القرآن تحرم المراباة حماية للفقراء والمحتاجين، وكان ذلك جزءا من سياسة الأنبياء لجلب رضى الفقراء. وتعتبر السياسة ناقصة، فما الفائدة من تحريم المراباة عند وجود الآية:

وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون [البقرة: 279].»

وتعجب حين تقرأ هذا التعليق فلا تدري ماذا فهموا منه؟ هل يفهم منه أحد أن القرآن يبيح الربا لأنه يزجر من يأخذه ولا يبيح له غير أخذ الدين من مدينه بغير زيادة؟ أهذا هو النص الذي يبطل فائدة التحريم؟ فما هو النص الذي يفيد فيه؟

ولا يخفى تخبط القوم في الاتهام بكل وسيلة، بل في الاتهام بالحجة ونقيضها في وقت واحد.

فهل جاء الإسلام من إقطاعيين يحافظون على مصالح الاستغلال والمراباة بالأموال؟

هل جاء الإسلام من هؤلاء أو هو قد جاء من الفقراء والمحتاجين ليرضيهم ويغضب المرابين والمستغلين؟

ينبغي أن يكون قد جاء من هؤلاء ومن هؤلاء في وقت واحد، وأن يكون الاتهام قائما على كل حال، ولا لزوم للدليل في أية حال، بل لا لزوم للالتفاف إلى التناقض بين الدليلين، لأن الالتفاف إلى تناقضهما يسقط الاتهام، وماذا يصنع القوم بغير اتهام كيفما كان، ببرهان أو بلا برهان؟

ويوشك القوم أن يلحقوا بالقرآن كل خبر من أخبار الدول الإسلامية يدخل في شعائر الدين أو ينسب إلى ذي شأن أو غير ذي شأن من المسلمين.

صفحة غير معروفة