فكان سواع لهذيل، وود لكلب، ويغوث لمذحج وقبائل من اليمن، وكان بدومة الجندل، والنسر لذي كلاع بأرض حمير، ويعوق لهمدان، واللات لثقيف بالطائف، والعزى لقريش وجميع بني كنانة، ومناة للأوس والخزرج وغسان، وهبل كان في الكعبة وكان أعظم أصنامهم، وإساف ونائلة كانا على الصفا والمروة، وسعد لبني ملكان بن كنانة، وكان عدد الأصنام في الحرم لما فتح الرسول مكة بضع مئات كسرها وأصحابه. قال أبو عثمان النهدي:
16
كنا في الجاهلية نعبد صنما يقال له: يغوث، وكان صنما من رصاص لقضاعة تمثال امرأة، وعبدت ذا الخلصة، وكنا نعبد حجرا ونحمله معنا فإذا رأينا أحسن منه ألقيناه وعبدنا الثاني، وإذا سقط الحجر عن البعير قلنا: سقط إلهكم فالتمسوا حجرا.
ويؤخذ من هذا أنه كان للعرب في الجاهلية المصور والمثال؛ فصوروا جدران الكعبة وملأوها بتماثيل أربابهم، ومن جملة ما كان فيها صورة عيسى وأمه عليهما السلام بقيتا حتى رآهما من أسلم من نصارى غسان، وكان على أحد عمد الكعبة تمثال مريم وفي حجرها ابنها مزوقا،
17
وقال ابن الكلبي: إنه كان لقضاعة ولخم وجذام وعاملة وغطفان صنم في مشارف الشام يقال له: الأقيصر، كانوا يحجونه ويحلقون رءوسهم عنده، فكان كلما حلق رجل منهم رأسه ألقى مع كل شعرة قرة،
18
وكان ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر قوما صالحين ماتوا في شهر فجزع عليهم ذوو قرابتهم، فعملوا لهم خمسة أصنام على صورهم، فمضت قرون ثلاثة وهم يعظمون، وفي القرن الثالث أخذوا يعبدونهم. وكان ود تمثال رجل كأعظم ما يكون من الرجال، قد زبر عليه حلتان متزرا بحلة مرتديا بأخرى، عليه سيف قد تقلده، وقد تنكب قوسا، وبين يديه حربة فيها لواء ووفضة.
19
المدنية اليهودية والنصرانية في جزيرة العرب
صفحة غير معروفة