18 «إن المسلمين عامة وأهل تركيا خاصة هم أسرع إلى الترقي من الروس ومن معظم الشعوب البلقانية، وما برح بعض المؤلفين يرونهم على جانب من الجهل في السياسة والتاريخ، شأن الشعوب نصف المتوحشة التي عريت نفوسها من الثقافة. وهذا الرأي في المسلمين قد أوجزه القائلون به ببيان لهم أصدروه باسم بحث إفرنسي يوناني جاء فيه: «مهما قال القائلون فإن الإسلام كان ولا يزال أبدا مخربا عظيما؛ وذلك لأنه لا يقبل علما غير الذي تضمنه القرآن، فالإسلام وحشي متعصب وهو من أعظم البلايا التي ابتلي بها العالم».» قال لبون: «لا جرم أن كاتب مثل هذه المطاعن لم ير قط المصانع الإسلامية البديعة في إسبانيا ومصر والهند، وهو يجهل العمل العظيم الذي تم على أيدي الجامعات الإسلامية في بعث المدنية الأوربية، ومع هذا نرى الكتب التي هي أدلة رجال السياسة المحدثين تكتب بمثل هذه الجهالات، وربما لم يكن رئيس الحكومة البريطانية يحسن غيرها يوم تخيل طرد المسلمين من أوروبا.»
وقال أوجين يونغ:
19
العرب على ما يظهر جد محقوقين أن كانوا كلهم مسلمين فاضطهدوا بهذا السبب ظاهرا وباطنا، على حين كان لهم ماض يحق لهم أن يعجبوا به: ماض حربي ثم ماض في العلم العالي والصنائع والرفاهية، مما اتخذته أوروبا في القرون الوسطى أيام كانت نصف متوحشة دعامة لقيام النهضة الحديثة، ولعله يقال: إن الأوروبيين لا يقدرون أن يغفروا لأساتذتنا ما لقنوهم من المعارف، وقال: ليت شعري هل القوة الاجتماعية في الإسلام هي التي تقلق أوروبا أو دولها العظمى؟ ربما كان ذلك؛ لأن تعاليم الإسلام حرة فهو لا يقول بالطبقات ولا بالامتيازات ولا يدعو إلى التسلط على نحو ما تدعو الكنائس النصرانية، وليس في مطاويه شيء من الرياء السياسي الذي تنقاد إليه بعض الحكومات، إن شعار المسلمين الجميل هو تقريب القلوب والأرواح وهذه خطوة انتقال إلى السلام العام، وهذا ما يراد، ولا شك، القضاء عليه، وما مصير من يعمل ذلك إلا الخيبة.
أمهات المسائل التي يرددها الشعوبيون
صدق الرسول في دعوته
ترد المسائل التي ضرب فيها متعصبة الشعوبية الإسلام إلى بضع مسائل أمهات: صدق الرسول في دعوته، صحة الكتاب الذي حمله لأمته، الاعتقاد بالقضاء والقدر، تعدد الزوجات، الطلاق، الحجاب، الاسترقاق، المسكرات، الربا، التصوير. ونبدأ الآن بالكلام على رسالة صاحب الدعوة ثم نفيض في المسائل المتنازع فيها في فصول تلي، فنقول: تعسف المتعسفون في العبث بسيرة الرسول ، فقال قائلهم: إنه كان به صرع من إفراطه في الأكل، وقال آخر: إنه كان مصابا بالحمى الشديدة لطول صيامه، وزعم زاعم أنه كان مصابا بداء عصبي، وتابع كل من هؤلاء المشتطين هواه، وركب مركبا خشنا في حكمه على الرسول بما ارتآه، حتى جاء ماسينيون من علماء المشرقيات في فرنسا، فأثبت أن محمدا كان مالكا لعقله ممتعا بصحته،
1
ومن قبل أفحم كارلايل
2
صفحة غير معروفة