إلى القرن السابع آثار وعمائر ومدارس وخانكاهات حسنة، وكان فيها أدباء وشعراء ومحدثون وفقهاء وكذلك كانت همذان، وما زالت إلى تخريبها بجند تيمورلنك «محلا للملوك ومعدنا لأهل الدين والفضل»، وأنشأ محمود بن سبكتكين في عاصمته غزنة من المصانع الجميلة ما يعد دهشة الأمصار، وكان قصره مجمع الشعراء والعلماء، ومنهم البيروني
5
سيد علماء العالم في القديم، وأعظم رياضي نبغ في الإسلام، ومنهم الفردوسي
6
الشاعر، والعتبي الكاتب، إلى عشرات أمثالهم من المغنين والشعراء.
وما لنا ووصف تلك العواصم، واستقصاء أخبار كل واحدة منها، وما أبدع فيها رجالها من علم وعمل يحتاج إلى مجلدة، وكذلك تاريخ المدن
7
التي أنشأتها العرب أو جددتها كالبصرة والكوفة وبغداد وسامرة وواسط ومراغة وشيراز وقصر ابن هبيرة وعسكر مكرم وأردبيل وسرخس وسمرقند وبيكند وبوزجان وسامان وشهرستان ودهسيان وأذنة والمصيصة وسلمية والفسطاط والقطائع والقاهرة والقيروان والمهدية وبونة وبجاية ووهران ورباط الفتح وتامدلت ومراكش وفاس والمسيلة وبطليوس وتطيلة والمرية والزهراء إلى غيرها من المدن العربية.
والغاية هنا أن نمثل تمثيلا خفيفا لتلك الحضارة الرائعة في قواعد البلاد، وحسبك في تصويرها أنه كان في مدينة مرو فقط - وكانت مرو ونيسابور وبخارى مستقر ولاة خراسان من أول ما ملكها العرب - عشر خزائن للوقف. قال ياقوت: إنه لم ير في الدنيا مثل كتبها كثرة وجودة، وما خلت كل مدينة من مدارس وخزائن كتب وعلم وعلماء، وكثيرا ما كانت بعض القرى تشبه المدن في هذا المعنى على صورة صغيرة، دام ذلك إلى أوائل المائة السابعة، وقد طغى المغول على بلاد الإسلام تحت راية جنكيز، أعظم فاتح عرفه التاريخ، وأعظم مخرب قام في الأرض، خرب أقطارا وأمصارا، وما عرف له من غرض في ذلك إلا حب التخريب؛ ولذلك قالوا: ما دهي الإسلام بمثله، امتدت مملكته من بحر الصين إلى البحر الأسود،
8
صفحة غير معروفة