375

موقع الإسلام سؤال وجواب

تصانيف

هل النساء في الجنة يغطين وجوههن؟ وهل يرين الرسول ﷺ ويسلمن عليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النساء في الجنة يغطين وجوههن؟ وهل يرين الرسول ﵊ ويسلمن عليه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
أولًا:
لا يظهر أن المرأة في الجنة تغطي وجهها؛ لأن الله تعالى يكسبها جمالًا فائقًا، ويكون هذا الجمال جزاءَ ما كانت عليه من طاعة في الدنيا، ويكون ذلك من أجل زوجها، حتى يهنأ ويتنعم، بل إن جمالها ليزداد المرة بعد المرة.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدْ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ: وَاللَّهِ لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَقُولُونَ: وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا) .
رواه مسلم (٢٨٣٣) .
وليس في الجنة نظر سوء، ولا مرض قلب حتى تلزم المرأة بتغطية وجهها، ولا هي محل للعمل والأمر والنهي، كما قال علي ﵁: " فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ " رواه البيهقي في شعب الإيمان (١٠٦١٤) وعلقه البخاري في باب الأمل وطوله، من كتاب الرقاق.
ولعلَّ الأظهر أن تكون المرأة في الجنة في مملكتها تتنعم بكافة أنواع النعيم هناك، دون أن تكون مختلطة بالرجال؛ لأن الله تعالى وصف الحور العين بأنهن قاصرات الطرف أي: يقصرن نظرهن وحبهن على أزواجهن، ووصفهن بأنهن حور مقصورات في الخيام، وليس معنى هذا أنهنَّ لا يخرجن من مملكتهن، بل لهن كل ما يشتهينه مما أعده الله لأهل الجنة، ومثله يقال في نساء أهل الجنة من المؤمنات.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – ﵀:
(حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ) أي: محبوسات في خيام اللؤلؤ، قد تهيأن، وأعددن أنفسهن لأزواجهن، ولا ينفي ذلك خروجهن في البساتين، ورياض الجنة، كما جرت العادة لبنات الملوك، ونحوهن، المخدرات، الخفرات.
" تفسير السعدي " (ص ٨٣١) والخفرات: أي: شديدات الحياء.
وقال أيضا – ﵀:
وعموم ذلك يشمل الحور العين ونساء أهل الدنيا، وأن هذا الوصف - وهو البكارة - ملازم لهن في جميع الأحوال، كما أن كونهن (عُرُبًا أَتْرَابًا) ملازم لهن في كل حال.
والعروب هي: المرأة المتحببة إلى بعلها.
" تفسير السعدي " (ص ٨٣٣) .
ثانيًا:
الذي يظهر أن نساء الجنة لا يُمنعن من رؤية النبي ﷺ؛ لأنه نبي الأمة، وهن بمثابة بناته، وهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
قال ابن كثير – ﵀ – في تفسير قوله تعالى على لسان لوط ﵇ لقومه: (هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) هود/٧٨ -:
النبي للأمة بمنزلة الوالد للرجال والنساء ... قال مجاهد: لم يكنَّ بناته، ولكن كنَّ من أمته، وكل نبي أبو أمته، وكذا روي عن قتادة، وغير واحد ... وقال سعيد بن جبير: يعني نساءهم هنَّ بناته، وهو أب لهم، ويقال في بعض القراءات: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم ".
" تفسير ابن كثير " (٤ / ٣٣٧) .
وقد جاءت البشرى في السنَّة لكل من يراه في المنام أنه سيراه في الجنة، وكذا جاءت البشرى لمن خشي أن لا يراه في الجنة.
أ. قال تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) النساء/٦٩.
ب. عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي) .
رواه البخاري (٦٥٩٢) وقال: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا رَآهُ فِي صُورَتِهِ، ومسلم (٢٢٦٦) .
ج. وعن عائشة قالت: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي وأحب إلي من أهلي، وأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رُفعت مع النبيين، وإن دخلت الجنة خشيت ألا أراك، فلم يردَّ عليه النبي ﷺ حتى نزلت عليه: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) .
قال ابن كثير – بعد أن ذكره مسندًا عند ابن مردويه في " التفسير " -:
وهكذا رواه الحافظ أبو عبد الله المقدسي في كتابه " صفة الجنة "، من طريق الطبراني، عن أحمد بن عمرو بن مسلم الخلال، عن عبد الله بن عمران العابدي، به، ثم قال: لا أرى بإسناده بأسًا.
" تفسير ابن كثير " (٢ / ٣٥٤) .
والحديث حسن، وله طرق، وشواهد كثيرة، تٌنظر في " تفسير ابن كثير "، ويكفي أن الحافظ المقدسي حسَّنه.
د. ويستأنس بما رواه ابن سعد في " الطبقات الكبرى " (٨ / ٤١٥) عن أم عمارة نسيبة بنت كعب ﵂ قالت لرسول الله ﷺ: ادع الله أن نرافقك في الجنة، فقال: اللهمَّ اجعلهم رفقائي في الجنة، فقالت: ما أبالي ما أصابني من الدنيا.
تنبيه:
ثبت في صحيح البخاري (٢٧٩٦) من حديث أنس بن مَالِكٍ ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قال: (.. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا)
والنصيف هو خمار الرأس، كما فسره به الرواي في موضع آخر (٦٥٦٨) .
لكن يظهر أن هذا النصيف من جملة زينتها التي تتجمل بها لزوجها، كما يشعر به سياق الحديث الذي يذكر حسن نساء الجنة وجمالهن. ويؤيده رواية الطبراني في الأوسط (٣/٢٨١): " ولتاجها على رأسها خير من الدنيا وما فيها "
قال الهيثمي في المجمع (١٠/٧٧٤) " إسناده جيد "، وصححه الألباني في صحيح الترغيب.
وانظر السؤال رقم (٩٦٥٩٨) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب

1 / 374