373

موقع الإسلام سؤال وجواب

تصانيف

منازل ودرجات الجنة والنار وأعمالهما
[السُّؤَالُ]
ـ[كم جنة ونار يوجد؟ وكيف تختلف مراتبها؟ وماذا يجب أن تفعل لتكون في كل مستوى؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولًا:
من حيث العدد هي نارٌ واحدة وجنة واحدة، لكن كل منهما درجات ومنازل. وقد يأتي في السُنَّة ذكر الجنة بالجمع وليس المراد تعدد جنس الجنة وإنما الإشارة إلى عظمتها ودرجاتها وأنواعها أو إلى عظمة أجر من يدخلها كما في حديث أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ قَالَ يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ - وفي رواية إنها جنان كثيرة - وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الأَعْلَى) رواه البخاري (٢٨٠٩)
ثانيًا:
تختلف دركات النار باختلاف كفر أهلها في الدنيا، والمنافقون في الدرك الأسفل منها كما قال ربنا ﵎: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا) النساء/١٤٥ وأخف دركاتها - والعياذ بالله - ما أشار إليه النبي ﷺ فيما رواه النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا مَنْ لَهُ نَعْلانِ وَشِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ - وفي رواية توضع في أخمص قدميه جمرتان - يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِ الْمِرْجَلُ - إي القِدْر - مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا وَإِنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا) رواه البخاري (٦٥٦٢) ومسلم (٢١٢)، وجاء تعيينه في إحدى روايات مسلم بأنه أبو طالب عم النبي ﷺ خفف الله تعالى عليه لما كان له من دور في حماية الإسلام في بداياته. ثالثًا:
لا يُعرف تحديدًا عدد درجات الجنة، وقد قيل إنها بعدد آيات القرآن الكريم أخذا من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال: " يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها ". رواه أبو داود (١٤٦٤) والترمذي (٢٩١٤) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال المنذري في الترغيب: قال الخطابي: جاء في الأثر أن عدد آي القرآن على قدر درج الجنة في الآخرة، فيقال للقارئ ارق في الدرج على قدر ما كنت تقرأ من آي القرآن، فمن استوفى قراءة جميع القرآن استولى على أقصى درج الجنة في الآخرة، ومن قرأ جزءا منه كان رقيه في الدرج على قدر ذلك، فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة. " الترغيب والترهيب " (٢ / ٢٢٨) .
لكن في كلامه هذا نظر؛ لأن الحديث في بيان " منازل " الحفظة وليس في درجاتهم، وتختلف الدرجات باختلاف العاملين في الدنيا، كما أن هناك أعمال أخرى يتفاضل الناس بها كالصِّدِّيقيَّة والجهاد وغيرها فعليه لا يلزم أن يكون صاحب القرآن الحافظ لأكمله في أعلى درجات الجنة على الإطلاق.
وأعلى درجات الجنة هي الفردوس كما ثبت عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: ".. فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، فوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة ". رواه البخاري (٢٦٣٧) ومسلم (٢٨٣١) .
ومعنى " أوسط الجنة " أي: أفضلها وأعدلها، ومثله قوله تعالى: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطًا﴾ .
وقد جاءت السنَّة ببيان بعض الأعمال وبيان درجات أهلها، ومنها:
١. الإيمان بالله والتصديق بالمرسلين
عن أبي سعيد الخدري ﵁ عن النبي ﷺ قال: " إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر أي النجم في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم، قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: بلى، والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ". رواه البخاري (٣٠٨٣) ومسلم (٢٨٣١) .
٢. الجهاد في سبيل الله
عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: ".. إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ". رواه البخاري (٢٦٣٧) .
٣. وقد يحصِّلها الصادق في سؤاله للشهادة بصدق
عن سهل بن حنيف أن النبي ﷺ قال: " من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه ". رواه البخاري (١٩٠٩) .
٤. الإنفاق في سبيل الله
عن أبي هريرة ﵁ قال: جاء الفقراء إلى النبي ﷺ فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون ...) رواه البخاري (٨٠٧) ومسلم (٥٩٥) .
٥. إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة
عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط. رواه مسلم (٢٥١) .
٦. حافظ القرآن
لحديث عبد الله بن عمرو الذي سبق ذكره عن النبي ﷺ قال: " يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها ". رواه أبو داود (١٤٦٤) والترمذي (٢٩١٤) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
فعلى من سمت همته أن يتطلع للأعلى، ويعمل لينال رضي الله، ويدخل جنة الفردوس، وها هي الأعمال قد وعد الله أهلَها بتلك الدرجات، فكم بين زهد الناس عنها وتشميرهم لها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب

1 / 372