الإسلام والمذاهب الإشتراكية
الناشر
الجامعة الإسلامية
رقم الإصدار
السنة الثالثة-العدد الثاني
سنة النشر
١٣٩٠هـ/١٩٧٠م
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ أي له الملك والتصرف ﴿تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ كقوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾ الآية. قال صاحب اللسان: "وتبارك الله تقدس وتنزه وتعالى وتعاظم لا تكون هذه الصفة لغيره".اهـ. والعالمون أجناس الخلق فهو ربهم ومالكهم والمتصرف فيهم وحده لا شريك له. وقوله: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ قال ابن كثير: "أرشد ﵎ عباده إلى دعائه الذي هو صلاحهم في دنياهم وأخراهم قيل معناه: تذللًا واستكانة وخيفة كقوله: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ﴾ الآية. وفي الصحيحين عن أبى موسى الأشعري قال: رفع الناس أصواتهم بالدعاء، فقال رسول الله ﷺ: "أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا إنّ الذي تدعون سميع قريب" الحديث. وعن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول: "اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: يا بني سل الله الجنة وعذ به من النار، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: "يكون قوم يعتدون في الدعاء والطهور" اهـ.
فرفع الصوت في الدعاء والابتداع فيه من الاعتداء الذي نهى الله عنه.
وقوله: ﴿وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا﴾ ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض وما بعد الإصلاح فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الفساد بعد
ذلك كان أضر ما يكون على العباد فنهى تعالى عن ذلك وأمر بعبادته ودعائه والتضرع إليه والتذلل لديه فقال: ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ أي خوفًا مما عنده من وبيل العقاب وطمعًا فيما عنده من جزيل الثواب ثم قال: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ أي إن رحمته مرصدة للمحسنين الذين يتبعون أوامره ويتركون زواجره كما قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ " قاله ابن كثير في تفسيره. اهـ.
وأما توحيد العبادة فمعناه توحيد التوجه والطلب فإذا تقرر أن الله رب العالمين هو خالقهم ومالكهم ورازقهم ومدبر شؤونهم كلها وهو بكل شيء عليم وهو على كل شيء قدير وجب أن
1 / 6